في أسواقنا المحلية.. أين هم صناع السوق؟

نمر في حياتنا اليومية بالكثير من التجار الذين يعملون في صرافة العملات على سبيل المثال، ويظن كثير منا أن هؤلاء تجار عاديون، ولا يخطر ببال أي منا أنَّ هذا الشخص يطبق المفهوم الحقيقي لصناع السوق، ويعتبر الواحد منهم على حد المعنى الحرفي للمصطلح أساسًا في ذلك، وهذا المصطلح الذي نسمعه من وقت لآخر خاصة في الأسواق العالمية هو واحد من المصطلحات المهمة جدا، والتي لها دور في توفير الأجواء المناسبة للتجارة والتداول في الأسواق المالية مع توفير محفزات ودوافع مستمرة للسوق تشجع على الدخول فيه دومًا مع هوامش مخاطرة أقل بكثير من تلك التي قد تتوافر بدون هؤلاء الصنَّاع.


 

 

متعب اليوسف المحلل الفني والاقتصادي في سوق الأسهم السعودية يعطينا فكرة عن معنى هذا المصطلح، وما إذا كنا بحاجة له في أسواقنا اقتداءً بالأسواق العالمية أم أننا نستطيع الاستغناء عنه.

 

صنَّاع السوق

«إن صانع السوق قد يكون شخصية اعتبارية أو حقيقية، ويمكن أن يكون جهة أو شركة ما، ولكنه في كل الأحوال يلعب الدور نفسه، وصانع السوق هو من يحتفظ لديه ببضاعة ما أو سلعة معينة، ويقوم بعرضها للبيع وطلبها للشراء في الوقت نفسه مع ترك هامش بسيط بين سعري البيع والشراء تكمن فائدته ومربحه فيهما».

 

دور صنَّاع السوق

يعتبر صانع السوق البائع والشاري في الوقت نفسه، وهنا تكمن أهمية هذا الدور خاصة في أسواق مثل أسواق الأسهم، يكون فيها صغار المتداولين هم الحلقة الأضعف والأكثر تعرضًا للخسارة، فهذا الصانع يوفر البضائع دومًا لكل من يرغب في شرائها؛ سواء أكانت هذه البضائع أسهمًا أو ذهبًا أو غير ذلك، كما يوفر في الوقت ذاته السوق لكل من يرغب بالبيع، وفي أي وقت ووفق الأسعار المعمول بها مع قليل من الفرق بين أسعار البيع والشراء، فصانع السوق بالتالي يوفر سوقًا تتداول به البضائع باستمرار بيعًا وشراء، وفي كل الأحوال هو يحقق فائدته ويرفع من عوامل الأمان في السوق لدى المتداولين الذين قد يشجعهم شراء سهم يمكن بيعه في أي لحظة.

 

صنَّاع السوق في البورصات العالمية

يعتبر دور صانع السوق من الأدوار البارزة والمهمة جدا في الأسواق العالمية، حتى إنَّ بعض المتداولين، خاصة الصغار يجزم أنه لا يستطيع العمل في الأسواق دون وجود لصناع السوق، باعتبار أنهم صمام الأمان للسوق وللأسهم في حال هبوطها الحاد، وقد أكد الكثير من الأسواق العالمية أهمية دور صناع السوق فأوجدتهم وأكدت دورهم بإعطائهم امتيازات لا تعطى لغيرهم من المتداولين، وعلى سبيل المثال:

 

بورصة نيويورك

حيثُ يكون في هذه السوق السهم حكرًا على شركة واحدة هي من تسمى في هذه الحالة صانع السوق لهذا السهم، وهذا لا يعني أنها الوحيدة التي تستطيع أن تبيع هذا السهم وتشتريه، حيثُ إنَّ بعض شركات الوساطة تستطيع فعل ذلك، وبالتالي فليست هناك فائدة من هذا المنصب إلا إذا علمنا أنَّ الامتيازات الممنوحة لهذا الصانع تنص على أنه هو صاحب الحق الوحيد بالاطلاع على أوامر البيع والشراء، وبالتالي فهو دومًا منْ يحصل على الصفقات، وذلك برفع الأسعار سنتات بسيطة.

 

سوق النازداك الأميركية الحديثة

ربما يكون الوضع في هذه السوق مختلفًا قليلاً عن الحال في سوق نيويورك، ولكن دور صناع السوق موجود مع بعض الاختلاف في هذا الدور، فما يحدث هنا أنَّ السوق لا تعطي السهم حكرًا لشركة واحدة بل لمجموعة شركات في وقت واحد، ولهم الحق جميعًا بالاطلاع على أوامر البيع والشراء، وتلزمهم جميعًا بتوفير الديمومة للبيع، والشراء على السهم بشكل مستمر، وفي مقابل عدم إعطاء امتياز لشركة واحدة كما هو الحال في بورصة نيويورك، فإن إدارة السوق تعطي الشركات حق البيع على المكشوف، كأن تقوم بالبيع عند ارتفاع الأسعار، ثم تشتري في وقت لاحق عند هبوطها، وهذا هو الامتياز الممنوح لهم كصناع سوق.

 

في الأسواق المحلية

هذا الدور وحتى اليوم غير موجود في أسواقنا المحلية، ويظن الكثيرون، وهذا خطأ شائع، أن كبار المستثمرين هم صناع السوق، ولكن في حقيقة الأمر قد يسعى بعضهم لتحويل اتجاهات السوق بحسب مصالحه، والامتيازات التي تمنحها البورصات والأسواق العالمية لصناع السوق أيضًا غير موجودة في أسواقنا، وغير ممنوحة لأي جهة، وما أراه من وجهة نظري أنه مع قليل من التعديل على دور صنَّاع السوق بما يتوافق ومفاهيمنا الإسلامية والعربية يصبح دور صنَّاع السوق مهما وحيويا وضروريا على اعتبار أنه يوفر أمانًا أكثر في التعامل، كما يخلق أسواقًا ديناميكية في البيع والشراء، وتتحرك دومًا حتى في ظل الظروف المالية السيئة، كما توفر خيارات للبيع قبل الشراء مما يعني أن السوق، وهي مرتفعة تحمل نفس الإغراءات التي قد تحملها وهي منخفضة، ويستطيع المتداول الدخول والخروج في أي وقت سواء بالبيع قبل الشراء أو بالوضع التقليدي، وهو الشراء ثم البيع.