تهافت على تجميل "المنطقة الحساسة" في السعودية

3 صور

ثمّة تهافت من قبل النساء السعوديات على عملية «تصليح العجان» أو «تجميل المنطقة الحساسة» كما هو رائج، علماً أن هذه العمليّة ليست بالجديدة، فالتاريخ حافل بها منذ القدم على يد القابلات حتى قبل وجود الطبيبات، ولكنها كانت شائعة في حدود جغرافية معيّنة كالسودان. وهي جراحة بسيطة، تتمّ تحت التخدير الموضعي وتستغرق ساعة ونصف الساعة.

كيف تتمّ هذه العملية؟ وما هي إيجابياتها؟ ومن هنّ المستفيدات منها؟ "سيدتي نت" تحمل هذه الأسئلة إلى الاختصاصيين:

اختصاصية النساء والتوليد في «المستوصف الأهلي» بمدينة حائل، شمالي السعودية، سحر سعد، طبيبة معروفة بالدقّة في هذه العملية، تشرح لـ «سيدتي» عن ماهيتها بالقول: «في حالات الولادة الطبيعية، يصرّح القانون بإجراء شقّ جراحي لتوسيع فتحة المهبل من أجل تسهيل عملية الولادة، وبعد خروج الجنين تتمّ خياطة المنطقة التي تم شقّها لتسهيل الولادة.

وهنا، مربط الفرس: هل نخيط ما فتحناه فقط أم نعيد ترميم المنطقة المحيطة بشقّ المهبل؟ إنّنا نقوم بما يُعرف بـ «تصليح العجان»، والعجان هي المنطقة الواقعة ما بين فتحة المهبل وفتحة المستقيم، وهذا هو الاسم المتعارف لدى وزارة الصحة، وهذه العملية مصرّحة تحت هذا الاسم، ولكن لعدم الارتياح لكلمة تصليح ولعدم استلطاف النفس لهذا المسمّى، درج قول «عمليات تجميل الأعضاء الحسّاسة».

وتضيف: «أحياناً، تتمدّد لدى بعض السيدات المنطقة المحيطة بمخرج الولادة الطبيعي في أثناء الولادة، ولا ترجع إلى وضعها وحجمها السابقين، فنقوم بإعادة شقّ مهبل السيدة إلى حجمه ما قبل الولادة، بمعنى إذا جاءتني السيدة وهي تضع للمرّة الأولى، ما عليّ إلا إعادتها للوضع الذي أتتني به.

وبذلك نحافظ على حجم شق المهبل لدى السيدة بدون زيادة أو نقصان، فما يتمّ هو شدّ الجلد المحيط بالمنطقة عن طريق الخياطة، ما يدعم العضلات ويساعد على شدّها بدون تدخّل مباشر منّا في العضلات، كما تتمّ إزالة الجلد الميت عند الخياطة وهو الجلد المتعرّض للجرح والتمزّق». وتوضح: «من المعروف طبياً أنّ أي جرح يحدث، يليه جلد ميت، فبالتالي تتمّ إزالته وخياطته، لتكون المنطقة أجمل وأنظف ومعادة إلى حالتها الأولى أي قبل الولادة، فهذه العملية لا تهدف إلى القيام بأي تغيير جراحي لخلق الله عز وجل الذي خلقنا في أحسن تقويم».

عملية وقائية معروفة منذ القدم
وتتابع الطبيبة سعد، قائلة: «تساعد عمليّة تجميل المنطقة الحساسة المرأة في النظافة، إذ هناك بكتيريا موجودة طبيعياً في المنطقة، وهي بانتظار أي حافز لها لتنشط، فنجد أنّ الجلد المحيط بشقّ المهبل عندما يتّسع يصبح مرتخياً وبه ثنيات وتعرّجات، ما يصعب تنظيفه ويحفّز البكتيريا على النشاط.

أمّا عملية التجميل المذكورة فتقي من ارتخاء عنق الرحم، وذلك عبر شدّ الجلد عند بوابة الرحم، ألا وهي شق المهبل. فعندما يُشدّ الجلد المحيط بهذه المنطقة، نكون قد دعمنا كل العضلات المحيطة بالمنطقة، وبالتالي نتلافى بل نقي، بإذن الله، من أي ارتخاء لعنق الرحم ووقاية من تهتّك عضلات المستقيم. فعندما يتمّ شدّ جلد منطقة العجان، تُدعّم كلّ العضلات المحيطة، بما في ذلك عضلات المستقيم، علماً بأنّ فكرة العملية ليست بالجديدة، فالتاريخ حافل بها منذ القدم على يد القابلات حتى قبل وجود الطبيبات، ولكنها كانت شائعة في حدود جغرافية معيّنة كالسودان بعيداً عن الختان القطعي. فالمرأة السودانية من القدم تقوم بإجراء هذه العملية بعد كل ولادة طبيعية لها.

والتقنيات الطبية التجميلية المعتمدة هي أدوات بسيطة جداً، فالخيط لا بدّ أن يكون من النوع الذي يذوب، وأيضاً حجم الإبر المستخدمة، وكل المعدات المستعملة بعد ذلك من مشرط وتعقيم وما إلى ذلك. فالعملية تعتمد أساساً على احتراف الطبيبة التي تجريها، مع اصطحابها لكل ما يمكن أن يتعاقب أثناء العملية رغم بساطتها. وهي تتمّ تحت تخدير موضعي وتستغرق ساعة ونصف الساعة».

ولا بدّ من تحضير السيدة قبل العملية وإجراء بعض الفحوص لها، هذا بالنسبة للسيدات اللاتي يجرينها كعملية منفصلة عن الولادة، علماً أن هناك من تطلبها بعد الولادة مباشرة. وفي جميع الأحوال، لا يمكن أن يطيب الجرح قبل أسابيع ثلاثة، ونحن نعطي شهراً كحد أقصى، ودوماً نتأكد من أنّ من ستجريها ستمكث هذه الفترة دون بذل مجهود منها، أو أي حركة عنيفة أو سريعة لضمان جودة النتيجة ولالتئام الجرح بصورة كاملة، ولكي نتفادى أي تمزّق بالجلد، إذ إنّ أساس العملية شدّ الجلد المتمزّق أو المتّسع المترهّل.

وعملية تجميل المنطقة الحساسة لدى النساء أولاً وأخيراً هي مسألة رغبة، وأكثر النساء حاجة لها هنّ من تعرّضن لعمليات ولادة متكرّرة، وكلما كانت السيدة أكبر سناً كذلك، فعندما تأتي سيدة في الخمسين من عمرها وأنجبت مثلاً تسع مرات هي أحق السيدات بها، خاصة لأنّ فتحة الرحم لديها في هذه السنّ تتدلّى وترتخي، ولكن العملية تضمن أن تكون المنطقة مشدودة، وأكثر نظافة وراحة لها. أما من أنصحهنّ بالابتعاد عنها فهنّ من يعانين من أمراض القلب، فيما مريضات السكري أو ارتفاع ضغط الدم لا خطورة عليهنّ».

دوافع جنسية
وتجدر الإشارة إلى أن متوسّط السيدات في اليوم الواحد داخل «المستوصف الأهلي» بمدينة حائل واللاتي يخضعن لهذه العملية يبلغ ثلاث سيدات في اليوم، ويزداد هذا العدد في المواسم كالأعياد والصيف! ولا توجد سنّ محدّدة لهذه العملية، وعموماً يمكن إجراؤها حتى سنّ الستين، علماً أن الراغبات بالعملية لسن جميعهنّ أمّهات أو أنجبن، بل منهن من لم تلد، وتطلب الخضوع لهذه العملية بعد زواجها، إما رغبة منها أو رغبة من زوجها.

وتشرح الدكتورة سعد «لناحية تجميل العملية للشكل، أقول: إذا كان هناك جرح تمّ التئامه من غير تدخّل جراحي، وجرح آخر تمّ التئامه بعد خياطته خياطة تجميلية بعناية، فأيهما أفضل في الشكل؟ »، مضيفةً «أن العمليّة تؤثّر تأثيراً كبيراً على العلاقة الزوجية، وأكثر الراغبات بها (90%) هدفهنّ الجماع، إمّا بناء على رغبتهنّ أو تلبية منهنّ لرغبة أزواجهنّ. وتغيب عن هذه العمليّة السلبيات، سواء على الشكل أو خلافه، فكما قلت سابقاً نحن لا نضيف جديداً للشكل ولكن نعيد هذا الأخير إلى ما كان عليه. وتغيب عنها السلبيّات حتى على المدى البعيد. أمّا من يشعرن بعدها بألم في أثناء الجماع فتتمّ متابعتها وإجراء اللازم لها».

ليست عملية تجميل!
الاختصاصي في الأمراض الجلدية الطبيب حسن الصاوي يقول: «إنّ التجميل بالنسبة لأطباء التجميل هو تغيير في الأصل، إما زيادة أو نقصان، وهو ما يجعل هذه العملية لا تدخل تحت مظلة عمليات التجميل في الأصل، إنما تتبع لتخصّص النساء والتوليد».

الشرع: لا مانع دينياً من إجراء العملية... ولكن بشروط!
الشيخ محمد الماجد يقول لـ «سيدتي» إنّه «لا مانع من إجراء هذه العملية، فغالباً من تخضع لها تهدف إلى إسعاد زوجها، بدون تغيير في خلق الله عز وجل، ولكن هناك بعض الشروط أوّلها علم الزوج بها فلا يجوز إجراؤها دون علمه، وثانياً لا يجوز إجراء غير المتزوجة لهذه العملية، وثالثاً لا يجوز للمطلقة بغرض الزواج مرة أخرى إجراؤها فهذا غش، فمن تزوج ثيباً عليه أن يعلم ويتزوجها على أنها كذلك ليس على أنها بكر. والله أعلم».

تجارب وآراء

*نتيجة العملية مبهرة
السيدة أم عبد الرحمن (31 سنة) وأم لستة أطفال قامت بإجراء العملية في المرة الأولى بعد طفلها الخامس، وتقول إنها لم تستفد منها، وكرّرت إجراءها بعد ولادتها طفلها السادس ولكن مع طبيبة أخرى وكانت النتيجة مرضية لها ومبهرة في علاقتها مع زوجها.

أمّا زوجها أبو عبد الرحمن فيوضح: «إنّ العملية أعادتنا لأيام افتقدناها كثيراً خصوصاً بعد الولادات المتكرّرة، ولكن الآن الحمد لله انتعشت العلاقة الحميمة بيننا، ولا أخجل من قولي هذا بل على العكس أنصح الأزواج بتوجيه زوجاتهنّ لمثل هذه العملية».

*الحفاظ على الزوج
السيدة أم عبد الله تعبّر عن رأيها بعملية تصليح العجان، بالقول:» إنّ هذه العملية هامة للحفاظ على الزوج الذي لا يسامح ولا يتفهّم أنّ ما جرى من اتّساع في منطقة العجان يعود إلى ولادة أطفاله، ويعتبر أنه فشل من الزوجة! لذا، كان لا بدّ من الخضوع لها بعدما سمعت من صديقاتي عنها، وقد أكسبتني المزيد من الثقة بناء على رأي زوجي، حيث عادت علاقتنا الزوجية وكأننا بشهر العسل!».

* يكفيها آلام
بينما يصرّح أبو عثمان، وهو زوج لم تخضع زوجته لهذه العمليّة بأنهما ليسا بحاجة لها، وأنه راضٍ عن زوجته، ويكفيها الآلام التي تمر بها في الولادة فهو لن يحمّلها أي ألم، أو عبء جسدي أو نفسي إضافي على ظروف الولادة التي تمرّ بها أي سيدة.

خطوات بعد الولادة
يشرح الرئيس التنفيذي للمستوصف الأهلي منصور بن عقيل العمار الشمري «أنّ تصليح العجان جراحة بسيطة، ويجب أن يليها تنسيق مع اختصاصيين في العلاج الطبيعي لعمل تمرينات رياضيّة لشدّ الجلد وإرجاع عضلات البطن إلى مكانها الصحيح وتنسيق القوام، كما لطبيب الجلدية دور في إعطاء حقن لشد الجلد وجعل الممرضات يقمن بتدليك عضلات بطن السيدة لترجع الأمور إلى سابق عهدها، ما يحسّن الأمور بنسبة كبيرة بعد الولادة.

كما أنّ للاختصاصي النفسي دوراً في توعية الزوجة لاكتئاب ما بعد الولادة حتى يمكن أن تتعامل مع مستجدات ما بعد الولادة بطريقة طبيعية وتعيش حياتها دون أي معوقات نفسية أو عضوية». ويتابع قائلاً: «إذا استوعبت الزوجة معطيات التوعية العلمية الحديثة، وطبّقت ما تحتاجه ضمن البروتوكولات الطبية.

لا شك أنها ستعيش حياة سعيدة، إذ لا بدّ من العناية بالنفس والجسد طيلة عمر السيدات لحياة أفضل متوافقة مع الشعور الروحاني الديني، ومستفيدة من الطب الحديث ومعطياته المبهرة، وهذه حقائق مجرّبة وماثلة للعيان على كل سيدة الاستفادة القصوى منها».