دليلك إلى التعامل مع طفلك منخفض الذكاء


الطفل منخفض الذكاء هو من يتدنّى معدّل الذكاء لديه عن المتوسّط أو الطبيعي مقارنة مع أقرانه. وتعزو «الجمعية الأميركية للضعف العقلي» A.A.M.D السبب المسؤول عن هذه الحالة إلى تلف أو نقص في الخلايا الدماغية، ينتج عنها صعوبة في طريقة التفكير السليم والارتقاء بالسلوك إلى المستوى المتوقّع. ويؤكّد الباحثون النفسيون أن انخفاض الذكاء يشير إلى حالة واضحة من ضعف قياسي في الوظائف العقلية العامة للطفل تظهر أثناء فترة النمو، يصاحبها قصور في التكيّف في المجتمع. «سيدتي» اطّلعت من التربوية مزنة الثقفي على أبرز الأسباب المؤدّية إلى انخفاض الذكاء وسمات الطفل الذي يعاني من هذه الحالة في المرحلة المتراوحة بين 7 و10 سنوات.

 

 

تعود الأسباب المسؤولة عن تدنّي معدّل الذكاء لدى الطفل، إلى:

 

1 العدوى أو التسمّم: تعدّ إصابة الحامل بالأمراض المُعدية بأنواعها المختلفة أمراً غاية في الخطورة عليها وعلى جنينها، وتؤدّي في 76.2% من الحالات إلى تلف في خلايا مخ الجنين وهدمها أو تعرّض الجنين إلى توقّف الخلايا العصبية عن التجدّد والنمو إذ ما أصابت العدوى حبله الشوكي. ويكون التلف الدماغي أكبر إذ ما حدثت العدوى في وقت مبكر من الحمل. ومن بين الإصابات التي تتعرّض لها الحامل: الأنفلونزا والجدري المائي والتهاب الكبد والنكاف، وكلّها تنتقل من الأم إلى جنينها.

2 الحساسية: يؤثّر تناول بعض أنواع الأدوية والمواد الكيميائية واللقاحات أثناء الأشهر الأولى من الحمل بشكل سلبي على نمو الخلايا الدماغية للجنين، بالإضافة إلى أن اضطراب نظام الغدد الصماء لدى الحامل أو اختلال معدّل الأيض الغذائي لديها يؤدّي في عدد من الحالات إلى نمو الدماغ بصورة غير طبيعية، وبالتالي ولادة طفل منخفض الذكاء وذي إعاقة ذهنية.

3 الاختناق بسبب قلّة الأوكسجين: تؤثّر قلّة الأوكسجين أثناء الولادة على عمل الخلايا الدماغية، ما ينتج عوامل عدّة أبرزها: طول فترة الولادة لما يزيد عن 72 ساعة أو إعطاء الأم عقاقير تعمل على تسريع المخاض أكثر من الحدّ المسموح به أو التفاف الحبل السري على رقبة الجنين عند ولادته أو نزول الطفل من ساقيه أثناء عملية الولادة بدلاً من نزول الرأس أولاً.

 

سمات الطفل منخفض الذكاء

 

هناك حالات مختلفة من انخفاض معدّل الذكاء، يمكن اكتشاف بعضها بصورة مبكرة، وذلك حين تتراوح شدّتها بين المتوسطة والشديدة والعميقة، إلا أنّه يصعب التعرّف على بعضها الآخر وهو الأندر لأنه ينتمي إلى الحالات البسيطة التي تجعل الطفل لا يختلف كثيراً عن أقرانه في صفاتهم الجسدية والنفسية والاجتماعية دون الجانب العقلي. وقد اعتبر العلماء الخصائص العقلية المتدنّية إلى ما دون مستوى المعدّل الطبيعي الصفة المشتركة بين جميع فئات منخفضي الذكاء، فيما تختلف الخصائص الأخرى النفسية والتربوية والاجتماعية حسب شدّة الحالة. وتجدر الإشارة إلى قيام عدد من الباحثين أمثال انكرام وكودمان بتحديد الخصائص المميّزة لمنخفضي الذكاء على أساس العمر الزمني للطفل الذين يتراوح ما بين 7 إلى 10 سنوات، أبرزها:

> يتراوح عمره العقلي بين 5 و6 سنوات، ولديه القابلية أن يتعلّم القراءة.

> تضعف قدرته على تذكّر الصور الحسيّة.

> تضعف قدرته على تذكّر الأشياء بشكل منطقي وطبيعي.

> لا يستطيع فهم الفروق وأوجه التشابه بين الأشياء.

> لا تبلغ ثروته اللغوية ومفرداته نسبة 25 إلى 30% من المعدّل الطبيعي مقارنة بأقرانه.

> لا يستطيع التكيّف مع المواقف الجديدة.

> لا يستطيع تمييز الوقت، ويدرك هذا الأخير من خلال الأحداث والمجريات اليومية.

 

خصائص عامّة

 

ثمة أنواع عدّة من الإعاقات العقلية التي تعرقل قدرة الطفل منخفض الذكاء على التعلّم بالسرعة عينها التي يتعلّم فيها أقرانه من الأطفال الطبيعيين، أبرزها:

> تشتّت الانتباه: نشاط عقلي تقوم به أجزاء معيّنة من الدماغ بهدف توجيه الطفل نحو المثيرات الموجودة في موقف ما. وفي هذا الإطار، يعاني الطفل منخفض الذكاء من ضعف القدرة على الانتباه والقابلية العالية للتشتّت، ما يفسّر ضعف تركيزه أثناء العملية التعليمية وعدم مثابرته على الدراسة وأداء الواجبات. كما تزداد درجة ضعف الانتباه بازدياد درجة الإعاقة لديه.

> ضعف الذاكرة: يواجه الطفل منخفض الذكاء صعوبات بالغة في تذكّر الأشياء، وتمتاز ذاكرته بأنها من النوع قصير المدى، ما يجعله عاجزاً عن تذكّر الأحداث التي تعرّض إليها من فترة وجيزة. وفي هذا الإطار، يشير المتخصّصون النفسيون إلى أن ضعف الذاكرة يعزى إلى عدم القدرة على القيام بعمليات الضبط والمتابعة والتي تعدّ عملية ضرورية لمساعدة الطفل على الحفظ والتعلّم.

> صعوبة التمييز: يعتبر ضعف قدرة الطفل على التمييز بين الأشياء وفق خصائص معيّنة كالألوان والأحجام والأشكال والروائح والمذاقات المختلفة مؤشراً قوياً على انخفاض ذكائه عن المعدّل الطبيعي، ما ينتج صعوبات في التعلّم تزداد كلّما ازدادت درجة التقارب والتشابه بين المثيرات.

> التخيّل المحدود: من الملاحظ أن الأطفال منخفضي الذكاء محدودو الذكاء، إذ تتطلّب عملية التخيّل درجة عالية من القدرة على استدعاء الصور الذهنية وترتيبها في سياق منطقي ذي معنى.

> انخفاض التفكير: تعدّ عملية التفكير من أرقى العمليات العقلية وأكثرها تعقيداً، فالتفكير يتطلّب درجةً عاليةً من القدرة على التخيّل والتنظيم والتذكّر والتعليل والمحاكاة والعمليات العقلية الأخرى التي يجب أن يقوم الطفل بها في هذه المرحلة. وبالطبع، يمثّل انخفاضها صعوبة كبيرة في التأقلم والتكيّف مع البيئة التعليمية.

> ضعف المفردات اللغوية: يعاني الطفل منخفض الذكاء من بطء في النمو اللغوي بشكل عام، ويمكن ملاحظة ذلك في المرحلة المبكرة له، فالطفل منخفض الذكاء يتأخّر في النطق واكتساب اللغة. ولعلّ أكثر صعوبات الكلام شيوعاً، هي: التعلثم والتأتأة والخطأ في اللفظ وعدم ملاءمة نغمة الصوت. ويلاحظ أن منخفضي الذكاء يستخدمون مفردات بسيطة لا تتناسب مع العمر العقلي أو الزمني لهم، وقد أطلق الباحثون على هذه الأخيرة مصطلح «اللغة الطفولية».

 

نصائح توجيهية

 

 1 لاحظي سلوك طفلك منذ مرحلته المبكرة. وفي حال الشك بوجود سلوك غير طبيعي لديه ناتج عن إعاقة معيّنة، يجدر بك استشارة الطبيب المتخصّص واتّباع تعليماته.

2 احذري من توبيخ طفلك الذي يعاني من صعوبة في التعلّم ومقارنته بأقرانه، وتعاملي مع تأخّره الذهني برفق وذكاء حيث إن المعاملة الخاطئة تزيد الأمور تعقيداً وتعرقل مراحل العلاج.

3 احرصي على تقديم يد العون لطفلك للقيام بتمييز الأشياء، كمساعدته في ترتيب القطع والمكعّبات حسب الأشكال والألوان والأحجام، ما يمكّنه من تنمية صفة التعرّف على الأشياء بسهولة وبراعة.

4 نشّطي خيال طفلك عن طريق الألعاب الخيالية واستخدام الأحاجي البسيطة، وشاركيه مشاهدة الأفلام الخاصة بالأطفال وبرامج الكارتون التي تنمّي قدرته على تخيّل الأشخاص والمواقف بشكل جيد ومتواصل.

5 اطلبي من طفلك أن يدوّن كل عمل يقوم به، ابتداءً من الصباح الباكر وحتى المساء، ما يساعده على تنشيط ذاكرته وتذكّر الأحداث القريبة والبعيدة بصورة متسلسلة.

6 اهتمّي بحالة طفلك النفسية والعاطفية واشعريه دائماً بحبّك له رغم تأخّره الذهني، فقد أشارت الدراسات المتخصّصة الصادرة عن «منظمة الصحة العقلية العالمية» NIMH أن حوالي 40% من الأطفال منخفضي الذكاء يعانون من سوء الحالة العاطفية وانحراف في الشخصية، مع حدوث نادر لاكتئاب ذهني.

7 ركّزي على تعزيز جوانب الثقة في نفس طفلك، فالأطفال منخفضو الذكاء يعانون من مشكلات نفسية عدّة، أبرزها فقدان الثقة بالنفس وعدم الاندماج مع البيئة الخارجية، ما يسبّب لهم اكتئاباً شديداً وانطوائية تزداد كلّما انتقلوا من مرحلة إلى أخرى.

8 ابحثي عن نقاط القوة في شخصية طفلك المتأخّر ذهنياً واعملي على تنميتها، فقد أكّد المتخصّصون وجود قدرات لدى الأطفال منخفضي الذكاء في الإنجاز والقدرة على الابتكار.

9 اهتمّي بإمداد طفلك بالغذاء المناسب لحالته والذي يشمل الأطعمة الضرورية لصحة الذاكرة وتحسين معدّل الذكاء، وتشمل: المنتجات الحيوانية كالكبد البقري والدجاج والبيض والأسماك الدهنية كالسلمون ومنتجات الألبان، فضلاً عن أنواع معيّنة من الخضر كالسبانخ والجزر والبصل والبندورة.

10 شاركي طفلك ممارسة الرياضة التي يحبّها ويفضّلها، فقد أشار الخبراء إلى فعالية الرياضة في تحسين مستوى الذكاء وتنشيط الذاكرة وتنمية القدرات الإدراكية لدى الطفل.