الكريم الواقي من الشمس: ما له وما عليه

يستخدم الناس بسخاء الكريمات الواقية من الشمس كل صيف، على أمل إبعاد شبح الشيخوخة والتجاعيد وسرطان الجلد. ولكن، مع مرور كل موسم، يتمّ طرح مزيد من الأسئلة حول ما إذا كانت العلامات وإرشادات السلامة التي توضع على عبوات هذه الكريمات كافية، خصوصاً مع تشكيك بعض البحوث بسلامة بعض المكوّنات المستخدمة فيها على نطاق واسع منذ سنوات.

تقوم مستحضرات الوقاية من الشمس بوظيفة رائعة في منع حروق الشمس حين يتم استخدامها بشكل صحيح، امّا من خلال امتصاص أو تشتيت ضوء الأشعة فوق البنفسجية من خلال جزيئات تسمّى «مرشحات الأشعة فوق البنفسجية».

ولكن، حين تمّ تقديم مستحضرات الوقاية من الشمس للمرة الأولى، كان الباحثون يريدون لمرشحات الأشعة فوق البنفسجية أن تحجب أكبر قدر ممكن من ضوء الأشعة فوق البنفسجية المتوسّطة وتلبّي في الوقت نفسه معايير سلامة معينة، علماً أن غالبية مستحضرات الوقاية من الشمس وخصوصاً تلك التي يمكن شراؤها في الولايات المتحدة اليوم ما تزال قائمة على هذا النموذج.


ولكن، ازدادت معلومات العلماء حول الآثار الضارة للتعرّض للأشعة فوق البنفسجية الطويلة والتي تصل الى أكثر من 95%. وتكثر الدلائل التي تشير إلى أن التعرض للأشعة فوق البنفسجية الطويلة يعتبر عاملاً هاماً في انتاج الشيخوخة الناجمة عن التعرض للشمس والحساسية الضوئية والاضطرابات المرضية والسرطان. لذا، تبدو الحاجة ملحّة إلى توافر مستحضرات الوقاية من الشمس لحماية كافية من أشعة الشمس فوق البنفسجية الطويلة.


وبشكل عام، تعطي بعض مستحضرات الوقاية من الشمس شعوراً زائفاً بالأمان والحماية، وهي لا تحجب بصورة كافية الأشعة فوق البنفسجية الطويلة. وقد أثبتت الأبحاث أن مكوّنات Tinosorb M وMeroxyl TM XL، فعّالة جداً في توفير حماية أوسع من الأشعة فوق البنفسجية. ويجب أن توافق «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» على هذه المكوّنات المفيدة، المستخدمة حالياً في مستحضرات الوقاية من الشمس في أوروبا. وقد تبيّن أن مكوّنات أخرى كـ octyl methoxycinnamate، تخترق الجلد و/أو قد تعوق جهاز الغدد الصماء. وقد تجد العديد من الدراسات أن الجزيئات المجهرية الدقيقة لثاني أكسيد التيتانيوم و/أو أكسيد الزنك، الشائعة في العديد من المنتجات، قد تكون أكثر ضرراً من الأشكال الكبيرة لهذه المواد الكيماوية. وقد تصل إلى أجزاء مختلفة من الجسم، وتعبر المشيمة وتؤثر على الجنين أو تسبّب ضرراً للحمض النووي له علاقة بالسرطان.

 


تشير دراسة أميركية حديثة دامت عاماً كاملاً إلى أن أحد أشكال فيتامين A وهو Retinyl palmitate قد يسرّع نمو الأورام الجلدية حين يتم وضعه والتعرّض للشمس. ولعلّ المشكلة أن هذه المادة تشكّل مكوّناً نشطاً في أكثر من 40% من جميع مستحضرات الوقاية من الشمس المتوافرة في الولايات المتحدة. واذ تسوّق صناعة مستحضرات التجميل بقوة منتجات تحتوي على مكوّنات فيتامين A زاعمةً أنها تجدّد البشرة، إلا أنّها قد تكون آمنة في المنتجات المستخدمة داخل المنزل بعيداً عن الشمس، ولكن هناك احتمالية حقيقية للتعرض للأذى عند استخدامها على البشرة المعرضة للشمس.

ففي نتائج هذه الدراسة، ظهرت الأورام والآفات في وقت أبكر بنسبة 21% لدى حيوانات المختبر المعرّضة للشمس والتي تم استخدام «كريم» يحتوي على فيتامين A عليها أكثر من الحيوانات المعالجة بـ «كريم» لا يحتوي على فيتامين A.

وعلى صعيد آخر، تبيّن التطورات في مجال البحث الآن أن المفهوم التقليدي للحماية من الشمس (منع حروق الشمس التي تسببها الأشعة فوق البنفسجية المتوسطة) غير كاف، نظراً الى أن الأشعة فوق البنفسجية الطويلة مضرة بقدر الأشعة فوق البنفسجية المتوسطة. كما يبيّن البحث، أنه وتحت ظروف معينة،  قد تولد بعض مرشحات الأشعة فوق البنفسجية التي تحتويها هذه المستحضرات أنواعاً معينة من الأكسجين التفاعلي في الجلد، بما في ذلك أغشية الخلايا و«الكولاجين» والحمض النووي وغيرها، علماً أن مضادات الأكسدة وفي حال تمّ استخدامها في هذه المستحضرات قد تقلّل عدد أنواع الأكسجين التفاعلي التي تولدها الأشعة فوق البنفسجية في الجلد. وبصورة عامّة، ربما تكون كمية الأكسجين التفاعلي الناجمة بصورة طبيعية أو عن طريق بعض أنواع مرشحات الأشعة فوق البنفسجية ضئيلة أو ربما تكون مصدر قلق كبير!