المضادات الحيوية أدوية قد تنقذ حياة المرء أو تدمّرها، علماً أن كثيرين يقومون بتناولها عشوائياً بدون وصفة طبية، كما أن تكاثر أنواع الجراثيم المقاومة لها تشكّل حالياً معضلة طبية.    

تأثير المضادات الحيوية على صحة المرء ومخاطر تناولها بدون وصفة طبيّة ومقاومة البكتيريا لها: أسئلة حملتها "سيدتي" إلى الاختصاصي في الأمراض الجرثومية والأمراض المعدية الدكتور ناجي عون، في الحوار الآتي نصّه:

 

- يكثر استخدام المضادات الحيوية من قبل الأفراد الذين قد يلجؤون إليها حتى عند الشعور برشح أو سعال بسيط! فما هي هذه الأدوية؟ وكيف تعمل؟ وما هي مخاطر استخدامها في حال عدم الحاجة إليها؟

المضادات الحيوية أدوية تضطلع بمهمّة منع تكاثر البكتيريا والقضاء عليها، وهي تختلف بذا عن المضادات الخاصة بالفيروسات.

وثمّة عائلات أو أنواع أربع من الجراثيم، هي: البكتيريا والفيروسات والطفيليات والفطريات. ولكلّ نوع من هذه الأنواع أدوية ملائمة، كما مستويات عدّة من كل دواء من أجل مكافحتها. ومن الهام للغاية، في هذا الإطار، أن يتمّ التخلّص من الفكرة التي كانت سائدة لدى الأطباء والرأي العام، ومفادها أنّه يمكن السيطرة على جميع أنواع الالتهابات. هذه الفترة بدأت مع فليمنغ عند اكتشاف "البنسلين"، حيث أصبحت البكتيريا مع استعماله قادرة على مقاومة المضادات الحيوية وفي مستويات عدّة وبطرق مختلفة. فلدى استعمال مضاد حيوي من المستوى الأول للمريض المناسب وبالجرعة المناسبة وعلى امتداد فترة مناسبة، ثمّة خطر ظهور بكتيريا تقاوم هذا المستوى من الدواء، ما يدفع الأطباء الى استعمال مضاد حيوي من المستوى الأعلى أو الثاني في حال أصيب هذا المريض بالتهاب آخر. فكيف إذاً هي حال المريض الذي لا يحتاج، أصلاً، إلى تناول المضادات الحيوية، إلا أنّه يفعل ذلك عند شعوره بالزكام أو إصابته بالإنفلونزا، وهاتان الحالتان تنتجان عن الفيروسات ولا تتجاوبان بالطبع مع المضادات الحيوية بل مع المضادات الفيروسية.

 

- هل صحيح أن المضادات الحيوية لا تميّز بين البكتيريا الضارّة وتلك النافعة، وهي بالتالي تقتل النافعة أيضاً في جسم الإنسان؟

لا تميّز المضادات الحيويّة فعلاً بين البكتيريا النافعة والبكتيريا الضارّة. فلدى استعمالها، يجدر بالطبيب أن يوازن بين كميّة البكتيريا الضارّة التي يجب القضاء عليها وبين كميّة البكتيريا النافعة التي سيُقضى عليها في الوقت عينه، ويحلّ محلّها نوع آخر من البكتيريا المقاومة للمضاد الحيوي الذي تمّ استعماله.

 

- إنّ المضادات الحيوية القادرة على إنقاذ الحياة تواجه مشكلة تغلّب بعض الجراثيم عليها، والتي تطوّر نفسها لمحاربة الدواء في بعض الحالات. فكيف يتمّ هذا الأمر؟

البكتيريا هي كائنات حية وفق المفهوم الطبي، بمعنى أنها تتفاعل مع محيطها، فإذا تعرّضت إلى عوامل فيزيائية سوف تتأقلم أجيال البكتيريا القادمة مع الظروف الجديدة. وتجدر الإشارة إلى أنه في كل 20 دقيقة، يولد جيل جديد من البكتيريا، ما يعني أن كمية تكاثرها كبيرة للغاية. ويثبت العلم أن هنالك فارقاً كبيراً بين جيل وآخر، ما يسمح للجيل الجديد بالتأقلم أسرع مع الظروف المحيطة به، علماً أن البكتيريا التي لا تماشي هذا التطوّر سوف يتمّ القضاء عليها إما طبيعياً أو بواسطة المضادات الحيوية. ولكن، لدى تعرّض أجيال من البكتيريا لعلاجات مختلفة خلال سنوات عدّة في جسم الإنسان، يكتسب الجيل الجديد منها طرقاً لمكافحة المضادات الحيوية، لينتهي المطاف ببكتيريا تقاوم أنواع المضادات الحيوية المتوافرة كافة. ومن هنا، يأتي المفهوم الجديد بأن البكتيريا كائنات حية تتفاعل مع محيطها، وأنه يغيب الحل العجائبي لها، علماً أن نسبة الاكتشافات الطبية ضئيلة جداً في هذا المجال، ما يدفعنا إلى الحفاظ على الأدوية الموجودة عن طريق الاستعمال المنظّم والمناسب، مع عدم الإفراط في الجرعات المتناولة.

 

- هل تتطوّر الجراثيم إلى قوّة خاصة تقاوم المضادات الحيوية، لدى العدوى بها من المستشفيات أم أنّه قد يتمّ هذا الأمر في حالات أخرى؟

تؤدّي سهولة شراء المضادات الحيوية بدون وصفة طبيّة في بعض الدول إلى تسهيل عملية تناولها عشوائياً، ما يعجّل في ظهور بكتيريا تمتلك مستويات مرتفعة من مقاومة المضادات الحيوية غير تلك المكتسبة في المستشفيات.

 

- هل يجب أن يصاحب تناول المضادات الحيوية أنواع أخرى من الأدوية تؤمّن حماية الجسم من بعض آثارها السلبية وأبرزها ظهور الفطريات؟

يمكن تناول بعض الأدوية لحماية الجسم من الفطريات التي تنتج عن استعمال المضادات الحيوية، ولكن ليس بصورة ملزمة.

 

- في حال أصبحت الجرثومة التي تمّ التقاطها قادرة على مقاومة المضادات الحيوية. فهل تمثّل غرف العزل العلاجات الوحيدة أم هناك علاجات أخرى؟

يتمثّل العلاج الوقائي للمجتمع في عزل المرضى داخل غرف خاصة في المستشفيات لتفادي تفشي المرض، وذلك لغاية الشفاء التام.

أمّا العلاجات المتوافرة فتتمثل في مزيج من عقاقير ثلاثة مضادة للبكتيريا تعطى للمريض في الوقت عينه بهدف السيطرة على الالتهابات. وقد تطول الفترة الزمنية للعلاج، علماً أنّها ترتبط بسرعة تجاوب الجسم التي تختلف بالطبع بين مريض وآخر.