يوم تغير كل شيء

بدآ ترتيبات الزفاف. تصلها أخبارهما أولاً بأول. الملابس التي خيطت، والمنزل الجديد، وديكور الحفل، وبطاقات الدعوة، وقوائم الطعام، وتفاصيل كثيرة تقودها إلى الجنون. ابنتاها فرِحتان. تتحدثان طيلة الوقت عن الحفل. وأسرتها لا تكترث. وإن فعلت، تتحدث في الأمر لتتشفى.

أمها أولا: «لم أرتح له منذ رأيته. حاولت أن أنبهك. ولكن ماذا أفعل إن كنت أكثر عنادًا من والدك؟ لو قبلت بابن خالتك لما وصلنا إلى هذا الحال... ».

ووالدها: «خربت بيتك بيدك. الرجل لم يرد أن يطلقك. أنت الملومة. كان بإمكانك أن تعيشي بسلام مع ضرتك. لن تكوني الأولى ولا الأخيرة التي يتزوج زوجها عليها... ».

والجميع: «فرطت في بيتك. أين كان عقلك عندما فتحته لامرأة أخرى؟ الذنب ذنبك... ».

لم تكن تدري. لم تكن تتوقع. هي أمور تحدث. نعم. والواحدة منا لا تتخيل أبدًا أنها يمكن أن تكون بطلة قصة من هذه القصص.

معلمة الصغيرتين شابة لطيفة وحنون. تغدق على تلاميذها من الحب والاهتمام ما يجعل الجميع مفتونًا بها. تتحدث الفتاتان عنها صباح مساء. ترددان اسمها. وتشعر برغبة في التعرف عليها. تذهب إليها. تعجب بها. تتصلان ببعضهما. تتقابلان خارجًا. وتدعوها لبيتها. وتبدأ زيارات الشابة التي تعتبر نفسها سريعًا فردًا من العائلة.

أهلها يعيشون في مدينة أخرى، وهذه تجربتها الأولى في العمل والاستقرار بعيدًا عنهم.

تدعوها لوجبة. تطبخان معًا. تخرجان للتسوق. تنام في بيتهم عندما تطول سهرتها رفقة الأم والأب. تلعب مع الصغيرتين. تمنحهما كل ما تحتاجان إليه من رعاية وتفهم. وتكسب ود والديهما وإعجابهما.

كيف تطورت الأمور مع الأب؟ لا تدري. أو ربما تعرف، ولا تريد مصارحة نفسها.

لم تر بأسًا في جلوسهما معًا أمام التلفاز. لم تكترث لمناقشاتهما الطويلة. البنت تقرأ كثيرًا، مثله، وتتابع الأخبار. لم تشعر بالخطر عندما رأتها تطبخ له ما يحبه، وتقبل على خدمته، وكأنها هي صاحبة الدار. لم تهتم لذلك. كانت بالنسبة إليها أشبه بالأخت الصغرى التي تقضي أغراض البيت، ويربت الأفراد الأكبر سنًا على رأسها بحنان، ويثنون على طيبتها ورقة قلبها.

يوم طلب منها أن يتحدثا، نظرت إليه بشرود وذهنها مشغول بأمور أخرى. لم تدرك شيئًا. ولم تتوقع القنبلة التي فجرها في وجهها.

مشاعره تجاه المدرسة مربكة. لا يمكنه أن يتجاهلها. ولا يريد أن يغش أم طفلتيه. قرر أن يرتبط بالبنت. ولها الخيار. إن شاءت أن تبقى معه فسيستمران معًا، ولن ينقصها شيء. وإن فضلت الانفصال، فلن يقف في وجه رغبتها.

ترك لها مهلة للتفكير. وغادر البيت. واختفت المدرسة أيضًا.

لم تكن بحاجة للنظر في الأمر.

طلبت الطلاق. وحصلت عليه.

ليس ذلك ما يزعجها.

ما يذبحها هو منظر طفلتيها وهما تتقافزان فرحًا استعدادًا ليوم زفاف والدهما. لا تستطيع تحمل ذلك. ولا تدري ما تصنع.