أبهذه السرعة تخليت عنك؟

سلمى الجابري

 

 

. أنت منكسر، إذن هل على العالم أن يغلق عينه ويستمر بالنوم، هل هذا ما تريده أن يحدث فعلاً؟

للأسف لن يحدث، حتى لو لم تفترق أنت عن فراشك، فديناميكية الحياة ستستمر، بالعطاء، بالتكاثر، بالخلق، بالتجدد، بتقبل الجانب الآخر، ذاك الجانب المعتم منها، ستمهد له الوقت، والظروف المناسبة كي يجرب حظه، تمامًا كما يفعل الجميع، فلماذا لا تحاول تجربة ألا تتركك للانكسار بشكلٍ كامل، جميعنا ننكسر فعلاً، نبكي من شدة الألم، نتوجع لأن ليس هنالك من يسمعنا أو من يعتقنا من هذه الجراح، لكن ماذا عنك؟ أيْنكَ من كل هذا التخبط؟ أبهذه السرعة قد تخليت عنك، تمامًا كما فعل الآخرون؟

أنا ضد أن يستسلم المرء لأحزانه طواعية، ضد أن يكون هو السبب والمتسبب في قتلِ روحه، تلك الروح الشغوفة بالغد، باتت في لحظةِ خيبة مغيبة عن الوجود، طريحة الفراش والقهر.

- لكن هل لي أن أسألك.. ما الشيء الذي يمكنه أن يشعل فتيل الحياة بك مجددًا؟

هل النجاح في علاقتك العاطفية، أم تجاوزها بكل مرارتها وذكرياتها بهدوء؟ أم لقاء صديق قديم قادر على مدّك بالأمل الذي أنت بحاجته؟ أو الوصول لمحطة مفصلية تنقلك مباشرة إلى وظيفة أحلامك، إلى منصب مهم، إلى إنجازٍ سعيت مطولاً لتحقيقه وبات وشيكًا؟ لدولةٍ كنت تحلم بالهرب إليها وأنت متجرد من كل الهموم والظروف؟

ما الذي قد يعيدك إليك قبل أن يدفعك للحياة؟

أنت.. أنت بالتأكيد ستكون ملهمك الأول، أنت قائدك، أنت صاحب روحك الأوحد، وصديقها، وحبيبها، وكل ما لها وفيها.

ابحث بشكل مستمر، بشكلٍ جديّ، عمّا يثيرك، عمّا يحركك، عن التفاصيل التي تحاكي شغفك، عمّا ينمي من مشكلة الاطلاع والبحث والترقب فيك.

هل ما زلت نائمًا تندب حظك، بينما الحياة تنساب من بين يديك لغيرك؟ وكأنك تتخلى عن ماديتك لتعطيها للآخرين بغيرِ وجه حق، فأنت لم تمت بعد، لماذا إذن تسعى لأخذ دور الميت مبكرًا؟ سيعانقنا الموت يومًا ما لا محالة، لكن قبل أن يفعل، علينا أن نؤدي مهامنا ودورنا كما ينبغي، ولن يكون أقل من ذلك.