أعيشكَ حد الفناء

سلمى الجابري
|في مواسم الغيرة الأولى يكون الحُب فتياً، بقدر ما تكون المشاعر طازجة، لم يشُبها الهزيع بعد؛ لذلك بطراوة الحُب لابدّ أن نحافظ على ألقها، فالغيرة بقدر ما تكون لذيذة بقدر ما يكون تزايدها بوتيرةٍ سريعة أمراً مرعباً؛ لأن الغيرة ما إن تنحرف على مسارها الصحيح ستتقاطع مع التملّك بصورةٍ خانقة، هنا فقط يصبح ذلك الحب جحيماً، وبتلك الشعلة الحارقة سيلتهم الأخضر واليابس منا. لذلك كم أتمنى أن تكون هنالك محميّة عاطفية مخصصة للحُب، للذكرى، وللحظاتِ الحميمية التي لن تتكرر بسهولة، دائماً يصادفنا ذلك الغرام الأحادي الذي يصعب حدوثه معنا في عمرٍ آخر. ذلك الحُب كان أنت، وذلك العمر كانَ معكَ، فأي حُبٍ آخر يستطيع محوك من داخلي بسهولة؟! وأي مصادفة تلك التي قد تجمعني برجلٍ يضاهي اجتياحك الحالم بألقٍ يُنسيني أنت؟ لذلك لم أحاول نسيانك قط، ولذلك أيضاً لم أبحث ولم أسمح لحبٍ آخر يعبرني بسهولةٍ وزهو قد يكون السبب؛ لأني أحاول أن أتعاطاكَ بأملٍ أكثر، وبحُبٍ أكبر، أو قد يكون لأنك فعلاً تستحق أن أتضرع أمام حبك العظيم حد الوفاء، لا أعلم ما إن كنتَ تحملني معك في حلّك وترحالك، ولا أعلم أيضاً إن كانت هذه القطيعة العشقية تؤثر سلباً فيك كما تفعل بي! لكن ما يهمني حقاً هو أن أعيشكَ حد الفناء، وبحماقة نساء العالمين، وبعقيدة الهوى الممتدة نحو الجنون. في الحياةِ عموماً قد نحب حدَّ ملءِ مشاعرنا، لكن ليس كل حُب يستطيع أن يلتصق بأطرافِ قلوبنا للأمد، وليس كل حُبٍ أول يكون دائماً معنا، فالحُب لا يعترف بالأزمنة، ولا بعقارب الوقت، ولا حتى بالأرصدة العاطفية التي كانت قبله، أو التي ستكون بعده، فكلٌ منا لديه حُبٌ واحد متأصل بداخله، رغمَ أنفِ الوداع، ذلك الحب هو الوحيد الذي ألقى بنا في اللجة حد النهاية، وبصورةٍ لن تُنسى بسهولة