اخلق عامك الآن

سلمى الجابري
بدأ عام جديد ورحل الآخر، بدأ هذا العام وهو ناصع البياض، خالٍ من الذكريات، ومن كل أدران العالمين، ينتظرنا أن نلوّنه بأحلامنا، بتفاصيلنا وبأحداثنا، ينتظرنا وهو يمدّ لنا يد الأيام، الأسابيع، الأشهر والعام كله، يقترب كثيراً من علامة التعجب التي تنقر الفضول فينا، وهو يبتسم كأبٍ يخشى على صغاره من الضياع، فأهلاً بعام أقبل، وسهلاً بالبهجة التي حلّت معه. في كل عام نتقاطع معه بعمر نجهله، نتمتم بيننا وبين ذاتنا بـأن هذا العام هو عامنا، الأعوام ترحل وأخرى تأتي، ونحن فقط من نستطيع أن نخلق عامنا ذاك، بنجاحاتنا، بأحلامنا، بإصرارنا على الحياة بصورةٍ تؤطرنا كما نحب، نستطيع إيجاده من بين كل الأعوام التي رحلت والتي نعيشها من العدم، نستطيع الغوص بين أسباره بجنونٍ يحيينا قبل أن يُميتنا، فقط إن أردنا ذلك، فعامنا المنتظر نحن من نشكله ونعطيه وجهاً يُمثلنا. | أيا عامي الفيروزيّ بهيئته وطلّته | أيا عامي المكتظ بلذّة الأحلام الكثيرة | أيا عامي الفائض بفرحته | كن برداً وسلاماً على روحي المجروحة. دوماً تختلف البدايات التي قد نضعها عند مطلع كلّ عام نتوق للعيش فيه، لكن كل تلك البدايات تتشابه في سببها، ذاك السبب الذي نخلقه من أجل العيش، ومن أجل أن نحيا الحياة التي نريدها حتى النهاية، وحتى الموت. اخلق عامك الآن، ولا تنتظر عاماً آخر؛ حتى تكون فيه كما تريد