ضـربة حُب

سلمى الجابري
تركتُكَ للحنين، ولشهقة التفاصيل، وللكثير من أعقاب السجائر، تركتُكَ للمشاعر المنزوعة من اللقاء، تركتُكَ لكلِ الأمور التي تُقام عليها حضارات الغرام. أردتُ من ذلك الرحيل المُباغت كارثة عاطفية كبرى تلهمك تخيفك وتربكك، أردت الظهور في ملامح كلِ النساء من حولك، لم تعد تُغريني المشاعر الفاترة؛ لذلك حاولت التحرش بذاكرتكَ قليلاً. فقط من أجلِ أن نرقص لاحقاً خلف ضربة حُب، كان عليّ المخاطرة بكَ وبنا. لابد عليكَ الآن أن تُدرك بأن امرأة الحرائق لا تقبل بأنصاف الحلول ولا بأنصاف المشاعر، الكثير من الجنون كقليله؛ فكلاهما يُدوزِنان أنفاسنا بصورةٍ ضمنية، لذلك تَعلّم الصبر، وفاجئني كما أُفاجئك؛ فلم يَعد يعنيني أن أذهب لحتفي طالما لا تبذل مجهوداً في الحفاظِ عليّ. لأنني أشذب الذكرى من أقصاها؛ فقط حتى أكتُبكَ، أعتبر مُصادفتنا بين الورق كانت فعل حنين؛ فأنا لا يغريني الرجل الذي لا يفقه في أمور الحُب سوى لذيذ الكلام، فأنا بحاجة لطغيانٍ عظيم، لفوضى ولخرابٍ يصعُب عليّ نسيانه، بحاجةٍ لأسقط بعمق كمين اللغة، عاشقة، ثائرة ومناضلة من أجلك، بحاجة لرجلٍ لا يدعني ألفِظهُ بداخلِ مقبرةِ اللغة رغماً عني؛ فلا شيء أصعب على الكاتبة من أن تملأ محرقتها برماد حُبها، وبماضٍ ملامحه مُجعدة؛ يُضاهي حُزن العالم في قلبها. لذلك لا تأخذني بمأخذ العاطفة فقط، هنالك الكثير عليْكَ فعلهُ غير الكلام المُبهرج. وها أنا الآن أترفَعُ عَنك بمنازلةٍ لا تفقهها أنت.