ظلك .. يتبعني

سلمى الجابري
هذا العالم لا يسعني في هذه اللحظة، دعني أركض، فالنهار سيبدأ، والشمس ستقبل رؤوس الجبال، ستعانق الغمام، وستميل لتنتصف شحوب السماء، ستصافح الوجوه المتثائبة، وستمنح الدفء للصغار، فلا وقت عندي كي أعبر التيه بتيهٍ أكبر، لذا دعني أسافر مع النوارس والأغنيات، فأنا ما زالت تجذبني التفاصيل المشعّة، دعني أتجاوز عاديّتي، أنتقل بين الأزمنة، أتنبأ بالعالم الرابع، الخامس، وحتى الأخير دون أن أسأم، دعني أعِشْكَ بمفردي، مع قلقي وأقلامي، فسمرتك تؤذيني، تثير حساسيتي تجاه المسافات المفتعلة بيننا، تعيذني من شر الغياب ثم تعيدني إلى جلدك، إلى نحولة أصابعك وسمرتك، ها أنا أهرب نحو الظلال الكثيرة، الظلال المائلة منها والمستقيمة، هل تعلم أن ظلك يتبعني؟ يختار لي الفساتين، يمشي ورائي بحذر، يبعد عني الظلال الأخرى، ويقرأ جريدة بينما أتأمل حواف الأكواب والمقهى، ظلك لا صوت له، كحبك الساكن الصاخب بداخلي، لا تقلق فأنا لم أعد بحاجة لأن أنظر نحو الأشياء بالمقلوب كي أتصنع البهجة، فابتسامتي قد سقطت أمام بائع الحلوى، عندما نهبوا الطفولة منّا يوماً