عن أشخاص ظننا أنهم استثنائيون؟

سلمى الجابري

 

.الأيام تمر على عجالة، اللحظات تعبرنا بنزقٍ غريب، الذكريات تتكدس من حولنا وفي داخلنا، إذن ما هي أوقاتنا الاستثنائية أمام هذا الحشد المختلط من الشعور؟ بل كيف يمكننا أن نتقاطع مع بعض الشخوص الاستثنائيين؟ أو كيف نعلم بأنهم كانوا كذلك معنا؟

عندما نجتاز أية مرحلة ببدائيتها أو بعمقها، نبحث عن اللحظة البكر فيها، عن اللحظة المختلفة بفردانيتها، تلك التي يستحيلُ لها أن تقع في فخ التكرار، نستمر ونستمر بالبحث عنها، دون أن نهدأ أو نملّ، وقد نضطر في الكثيرِ من الأحيان لإيهام ذواتنا بأننا نعيش في قصة غير عادية، أبطالها غير عاديين، أحداثها غير عادية، وفي الحقيقة حينما ننتهي منها أو تنتهي هي منا، نجدها وللأسف بأنها كانت عادية جدًا، هشة جدًا، وضئيلة جدًا، ملتوية على ذاتها، مليئةً بالثقوبِ والعيوب، ونحن من كان يجملُ قبحها.

كثيرة هي الوجوه التي لا نراها من خلفِ أقنعتها، إلا من بعدِ النهاية، من بعد السقطةِ الأخيرة لها، ومن بعدِ كل تلك الوعود المكررة، غير المبررة، يتنكرون منا وعنا، هؤلاء هم من جعلناهم في البداية استثنائيين، من منحناهم تلك الخانة، والمرتبة، نحن من وضعناهم في علوٍ لم يأبهوا له إطلاقًا.. إذًا فكيف كانوا في أعيننا استثناء؟

وقتك الاستثنائي هو مع كتاب تحبه، يأخذك في رحلةٍ استثنائية، بين شخوصٍ استثنائيين، يعلمك الكثير كما لم يعلمك أحد، يجعلك تلفظ أنفاسك، وتلهث، وتموت ترقبًا في ذات اللحظة، أو يكون وقتك مع لوحة تشدك وتشدك إلى عمقها، تجعلك تحلل الألوان، والخطوط، والمساحات البيضاء التي بين ملامحها، استثناؤك الحقيقيّ هو حينما تواجه عزلتك بمفردِك، تتلذذ بألمك بمفردك، تكتبك، تسمعك، تحتضنك، تسافر معك وبك، تكتفي بعالمك الصغير دون أن يشاركك أحد دور البطولة، لحظاتك مهمة، عظيمة، وخلاقة، لماذا تدعهم يعبثون بها؟ يجردون شاعريّتها، يميتونها، على حينِ غرّةٍ منك؟