| نحنُ نحاول نسيانهم؛ حتى نتجنب أن نحبهم بجنونٍ أكثر، وكأن تلك المشاعر المعتمة التي خلفوها وراءهم؛ لاتبرح عن ذكرهم إلا وهي باكية، وكأنها في كل مرّة تُلقي بنا في اللُجةِ عُنوة.
وها نحنُ ننظر إلى تفاصيلنا الغابرة معهم عن كثب موجع؛ فلا يسعفنا سوى الابتسام بكل أسى لمستقبلٍ خالٍ منهم؛ ففي جميع الأحوال العاطفية السيئة؛ سنعيش بدونهم، لكننا معهم.
فالتخلي عن حُبٍ عظيم ليسَ بتلك السهولة التي نربت بها على قلوبنا، لكن التعايش معه بكلِ ضراوةٍ، والربط على مشاعرنا بشجاعةٍ وبسالة، هو ما سيوصلنا للنسيان بسلام.
من الصعب أن نظل مخلصين لهم على امتداد الفراق، ومن الصعب أيضاً أن نخونهم ونحن ما زلنا نشهقهم، لكننا للأسف؛ نقف للآن بين حقيقتين، بدوخةٍ وغرابة؛ فكلِ الأغنيات، الرسائل، الأماكن، وحتى ساعاتِ السهر الطويلة تستحضرهم لنا من غيهب الحنين، يا للفجيعة، كل تلك الأمور عقدت مؤامرة ضدنا؛ لذلك سنبقى ندور حولَ حلقةٍ مفرغة من كلِ الأمور التي نهرب منها؛ لنعود إليها بخنوعٍ تام.
لذلك؛ لا مناص لنا من ذكرى مفخخة إلا بتمثيل النسيان؛ فمن الصعب أن نسقط أمامها مرةً أخرى بدونِ أي جدوى تذكر، وهل سقوطنا المبكي حينها سيعيدهم من غيابهم لنا؟ بالطبعِ لا؛ لذلك يجب علينا أن نسير فوق سطح الذكريات بحذرٍ وصمت، فقط حتى لا نوقظ المشاعر القديمة من سباتها، وألا نعيد الحكاية الأولى من البداية للمنتهى بألمٍ وفزع.
لن أنساكَ؛ ليس لأني لا أستطيع؛ بل لأني لا أريد.
فبينَ ماضيّ وحاضري؛ تقفُ أنت.
لكن لا تطمح بمستقبلٍ هو لي.
فأنت الراحل مع تلابيب الحياة، والباقي مع الذكريات