لا تخف من مرارة الحب

سلمى الجابري

.- ماذا لو أنك لم تعد تستمتع بأي شيء من حولك، كل الأمور عاديّة، تتكرر، وتكرر بذات النسق، كل شيء كان له خاصية الحركة بات ثابتًا، عديم الفائدة، فقد ألوانه، إنه ينطفئ، لا لون له، الحياة أصبحت معتمة، رتيبة، تمشي ببطءٍ مقيت، أين جريانها عنك؟

- ماذا لو أنك أعدت اللحظة القديمة للحياة، ما الذي ستغيره، ستتجاوزه، ستبتعد عنه أو ستنتزعه منك؟ ما هي تلك اللحظة التي ستشعرك بالسلام، ستتصالح معها أو ستبتسم لها؟

- ماذا لو أنه تم تهميشك بالكامل في علاقةٍ ما؟ لا أحد يسمعك، لا أحد يأبه لك، هنالك قائمة يجب عليك القيام بها، مهامك لا تنتهي معهم، يناط عليك الانتظار، أن تكون الظل، أي ظلهم، امتدادًا لهم، أن لا تخرج عن دائرتهم المغلقة، أن تكون كالعدم معهم، أنت كالبالون الذي ظنوا بأنه لن يُفقع، فكان صوته مدويًا.

أليسَ من العدلِ أن نُحبّ قبل أن تنتهي الحياة في أعيننا؟ فنحن لن نحظى دومًا بحبٍ عظيم، لكننا حتمًا سنتقاطع معه قبل انتهاء الحلم الأخير، وحتى يحين ذلك، فلتستعد جيدًا كي تتعرف عليك من جديد، كي تحب الحياة، العالمين، مشاهد الصباح والغروب، بخار القهوة، ساعات السهر الطويلة، الأفكار المتشابكة ببعضها على هيئةِ صداع، الغيرة الحارقة، والطفولة المتأخرة من جديد، كن مستعدًا كي تكون رجلًا آخر غيرك.

لا يمكنك تجاهل رعشة الحب حين تجيء، خذ ما تبقى فيك، بل خذكَ كلك نحو أقاصي الجنون دفعةً واحدة، فليس هنالك لذّة بأن تعيش حبًا بالتقسيط المريح، وكأن هذه الحياة ستجود عليّك بالمسرّات، بالقبل، بالكثيرِ والكثيرِ من لحظات العناق، فكل هذا الخواء الذي بداخلك الآن سيمتلئ، وكل هذا الشحوب الذي يعتري ملامحك سيختفي، أمَا عن روحك فهي ستبدو أكثر خفّة وطفولة.

لا تخف من مرارة الحب، لأن طعمه سيبقى في فمك طويلًا إلى أن تتلذذ به.