لا شيء قابل للتكرار

سلمى الجابري

 

هنالك حُبٌ عابر لا يبقى منه أثر، ولا يحاول حتى التحرش بالذاكرة، فينتهي فورَ بدايته، وهنالك حبٌ جارف؛ يأخذ منك ما مضى من عمرك وما تبقى منه دفعة واحدة، هذا الحُب لا يُنسى ولا يُشفى، هذا الجنون قد يتسبب لك بعد حين بانتكاساتٍ عاطفية كنت في غنى عنها، وهنالك حبٌ راقص يأخذك للموسيقى، ولمنصاتِ الهوى بألقٍ تجهله، لا يسعك سوى أن تكون مُجاريًا لجماليّة هذه الفتنة، لا يمكنك سوى أن تشهق الحياة بحياةٍ أخرى، هذا الحُب لا يبقى بذات بالوتيرة المثيرة ذاتها إن لم تتذاكَ عليهِ أكثر، وإن لم تتشبث بهِ بصورةٍ أعظم.

لا شيء تحت ظلال الحُب قابل للتكرار، فالمشاعر المنزوعة من روح التحدي، وخلق تفاصيل أشد ثورة، لن تكون قابلة للتجدد، والركض خلف غمار الحُب بسياقٍ آخر.

لذلك ما زلتُ أترنح حول ذكراكَ بلا هوادة، بلا توقف، وبلا ملل؛ لأن حُبك كان جارفًا، وحارقًا، صعدَ بي وهبطَ نحو الدركِ الأسفل للوجع، حُبكَ ما زالَ قادرًا على نخر مشاعري من أقصاها، هذا الحُب لستُ بحاجةٍ لنسيانه أو تناسيه، أو حتى استبداله بحبٍ أصغر، لستُ بتلك السذاجة التي تتخيلها حتى أركِل كل تفاصيلنا بقلبٍ راضٍ، فأنا ما زلتُ أربي مشاعري على التناغي بكَ كل يومٍ أكثر، ما زلتُ أتراقص مع كلِ ذكرى تأتيني بك عاشقًا وزاهدًا كالمرة الأولى، لن أبتعد عن مرمى حياتنا القديمة، حتى وإن علمت بأن حتفي سيكون هناك..