لحظة معقدة

سلمى الجابري
أن أحبك يعني: أن أقاسمك تفاصيلك، هواياتك، أحلامك، نجاحاتك، خيباتك، وكلك، أن أكونك كما أنت، أن أحبك يعني: أن يكون بيننا تناغم الكلمة، وإيقاع الوجد، والصمت الرؤوم، أن يكون بيننا الكثير من كل الشيء والقليل جداً من اللاشيء، أن نكون نحن بصورة مؤطرة، بلوحة ملونة بمراهقة الحياة، وبنضال العشاق، أن نكونهم. لم يكن الحب قسراً على أن نتبادل لذيذ الكلام فقط، بل لا بدّ أن يشبع مشاعرنا الروحيّة، الفكرية، ثم العاطفية، الحب غذاء للأرواح السقيمة، لا يمكن أن يكون للهو وللقاءات السرية فقط، وإن لم يكن بذلك العمق، فهو حتماً ليس بحب. قد نحتاج لعمرٍ ضعف عمرنا حتى نجد الحب، وقد لا نحتاج سوى للحظة؛ حتى نتأكد فيها أن ذلك الشعور الذي اجتاحنا للتو لم يكن سوى نبوءةٍ من حبٍ لن يتكرر، فأنا احتجت الكثير من الوقت، من اللحظات، من الدلالات؛ حتى أقتنع بأن ما أعيشه من هالة الدهشة، إلى ساعات الترقب، إلى دوخة التفاصيل، لم يكن سوى حالة من إعجاب مشابهة للحب الذي طالما انتظرته في عمري المنصرم والقادم، لم تكن تلك الحالة المرهقة من الفوضى الجامحة إلا لحظة معقدة من المشاعر التي لم أعشها قط إلا بين أوراقي، بين نصوصي ولغتي، لم يكن هنالك ما يعترض طريقي سواك، ولم يشدني للقصائد سوى حرفك، لذلك قاسمتك الليل والسهر، كما قاسمتني الإلهام والأفكار، ثم لم نلبث تحت سقف السحر المؤقت، حتى انقشع الظلام، بفتنةٍ لم أتصورها، كنتَ تماماً كما أتمنى، كنت الرجل الأحادي، الرجل الذي تقف عند مداه القلوب، لكنك رحلتَ سريعاً من أفكاري كما أتيت. قد ننشدّ للبعض، لكن سريعاً ما يخفت نورهم الساطع بداخلنا، وإلى الآن لا أعلم هل العيب في تسرعنا، أم في سرعة اقتحامهم لخصوصيتنا؟! قد تجمعنا بهم الاهتمامات المشتركة، كما ستفرقنا عنهم «انطعاجات» الأحاديث المنسدلة من فخاخ المشاعر. لذلك: أهلاً بكل اللحظات الملهمة، وسهلاً بكل الأمور الراحلة بتعالٍ