ماذا لو أننا بقينا غرباء!

سلمى الجابري
لم نعد نسرق البهجة من فم الأسرار، فحبنا أصبح يراقص حقيقة الضوء، ولا ينطفئ. لم نعد نبحث عن أدوار البطولة على خشب المسارح العاطفيّة، فنحن قد تجاوزنا كل الشكوكِ، كل الصمت، وكل مراحل الغيرة الطارئة؛ كي نعثر على سلامنا. وجدتك مبتسماً، هادئاً، ووسيماً، تنتظرني عند مفرق المصادفات العابرة، لا أعلم إن كنتَ تتوقع مجيئي، أم أنا التي كنتُ أتوقع حضورك! فكل الذي كنت أعرفه حينها أنني أسابق النوارس، أسابق بياضها، أحلامها، وجوعها؛ حتى أصل إليك، جئتك جائعةً للحب وللحياة، ولكَ، كنتُ أنتظر الكثير، الكثير منك، لكنك أغرقتني بالكثرةِ حتى نسيتُ ما كنتُ أنتظره وأريده. لكن ماذا لو لم تجمعنا الأقدار معاً! ماذا لو أننا بقينا غرباء، لا ذكريات لنا، ولا حتى موسيقى تبكي من أجلنا! هكذا نجيء بكل تعب المشاعر، ثم نرحل دون أن نتعرف عليّنا! ماذا لو لم تكن لنا فرصة! من كان سيقرأ لنا الكتب، ويغني، ويغني كثيراً حتى يهدأ الضجيج الذي بداخلنا؟ من كان سيخلق لنا من لغتنا لغة لا يفهمها غيرنا؟ من كان سيهديني الأغنيات، والفساتين، وأقلام الكحل، والكثير، الكثير من الدفاتر والأقلام! من كانت ستوبخك على السجائر على كثرتها، ثم بقلةِ الحيلة ستتركك تمارس التدخين بنشوة العشاق جميعهم! كي تقاسمك لذّة الشرود! من كان ليفهم هذا الاحتجاج غيرنا؟ من كان ليملأ كل هذا الاحتياج سوانا؟ حتماً لا أحد..