أثر التفاؤل على القلب

أميمة عبد العزيز زاهد

 

أثبتت الدراسات العلمية الحديثة أن التوتر النفسي والضغوط والغضب تعتبر عوامل مدمرة لصحة الإنسان وقلبه، وقد تؤدي إلى أمراض خطيرة، ويعتقد الباحثون أنه على الرغم من أن ممارسة التمارين الرياضية واتباع حمية غذائية جيدة وغيرها من العوامل ذات أهمية حيوية لصحة القلب، إلا أن العوامل الاجتماعية والسعادة والإحساس بالرضا والكمال والعمل من أجل هدف في الحياة يؤثرون بدورهم تأثيراً كبيراً.

 وأظهرت الدراسة التي نفذها باحثون من جامعة «ييل» الأمريكية، أن الضغوط النفسية اليومية قد تحفز نمو الأورام، وأن أي صدمة عاطفية أو جسدية، يمكن أن تكون بمثابة «ممر» بين الطفرات السرطانية، التي تؤدي في النهاية إلى الإصابة بأورام خطيرة، في حين وجدت دراسة أوروبية مشابهة أن الإجهاد الناجم عن العمل مضر لصحة القلب، وعامل مهم في حدوث أمراض القلب وداء السكري، والتعرض لأخطار السكتة الدماغية.

وأظهر بحث بريطاني تأثير الإجهاد السلبي على القلب، وما يمكن أن يتسبب به من أمراض تتأثر بالبيئة العاطفية، بما في ذلك كل المهام اليومية التي نقوم بها، سواء في العمل أو في نطاق العائلة، لتؤكد علمياً الاعتقاد السائد منذ القدم بارتباطه بالنوبات القلبية، ويؤكد الخبراء أن كل ضغط نفسي تتعرض له يضعف أداء القلب، وكأنك تضغط عليه بأداة حادة، وكما يؤكد الباحثون أن الرضا يعتبر من أهم الوسائل العلاجية لأي مرض نفسي، فمعظم الاضطرابات النفسية ناتجة عن عدم الرضا، ويعتبر الغضب على رأس العوامل القاتلة للإنسان، ويسبب الموت المفاجئ والجلطة الدماغية واحتشاء العضلة القلبية وضغط الدم.

وأكدت دراسة أمريكية بأن التشاؤم قد يهلك صاحبه، بعد أن كشفت عن زيادة احتمال تعرض مرضى القلب للوفاة بسبب معاناتهم القلبية، في حال أكثروا من التشاؤم في تعاطيهم مع حالتهم الصحية.

وفي ظل هذه النتائج العلمية ندرك أهمية أن يستبشر المؤمن برحمة من الله، فهو القائل: (يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) وقد عجب النبي صلى الله عليه وسلم من حال المؤمن فكان كل حاله خير: إذا أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وإذا أصابته سراء شكر فكان خيراً له.

ما أعظم التعاليم التي جاء بها الإسلام! وما أروع آيات هذا القرآن! وما أجمل أحاديث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم! فقد كان دائم التفاؤل ويستبشر برحمة الله، ولم يكن يغضب لأمر من أمور الدنيا إلا أن تُنتهك حرمة من حرمات الله تعالى، ولم يكن يحزن على أمر من أمور الدنيا، بل كان في كل لحظة يمتثل قول الله تعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) وقد كان صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل الحسن، وكان أبعد الناس عن التشاؤم، بل كان ينهى عن التطيُّر والنظرة السوداء للمستقبل، فكان رضاه من أجل الله وغضبه من أجل الله، فكان بذلك أسعد الناس وأكثرهم استقراراً وطمأنينة وضرب لنا أروع الأمثلة في ذلك.

قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) فمن الواجب أن نقتدي بسنة رسولنا ونهتدي بهديه فلا نتشاءم، وأن نتفاءل بالخير دوماً، وهذا خلق من أخلاق النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم، ولكن ماذا عن العلم الحديث، وهل هناك من اكتشاف علمي يؤكد صدق تعاليم نبيّ الرحمة عليه الصلاة والسلام؟.