السبق القرآني في علم القلب

أميمة عبد العزيز زاهد

 

حدثنا القرآن الكريم عن حقائق في علم القلب، لم يكتشفها العلماء إلا في القرن الحادي والعشرين، والأبحاث الجارية اليوم تكشف لنا المزيد، بما يثبت إعجاز هذا الكتاب العظيم، وتردّ على أولئك المشككين الذين يدّعون أن القرآن من تعليم البشر، ومن خلال التجارب اليسيرة التي قرأناها في المقالات السابقة في علم القلب، رأينا كيف أن القرآن حدثنا عنها بدقة تامة، ومنها أن علماء اليوم تحدثوا جدّيًا عن دماغ موجود في القلب، أي أن ما نسميه «العقل»، موجود في مركز القلب، وهو الذي يقوم بتوجيه الدماغ لأداء مهامه، ولذلك فإن الله تعالى، جعل القلب وسيلة نعقل به، يقول تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)، كما تحدثوا عن الدور الكبير الذي يلعبه القلب في عملية الفهم والإدراك وفقه الأشياء من حولنا، وهذا ما حدثنا عنه القرآن بقوله تعالى: (لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا)، أي أن القرآن حدد لنا مركز الإدراك لدى الإنسان وهو القلب، ويؤكد العلماء أن كل خلية من خلايا القلب تشكل مستودعًا للمعلومات والأحداث، ولذلك بدأوا يتحدثون عن ذاكرة القلب، ولذلك فإن الله تعالى أكد لنا أن كل شيء موجود في القلب، وأن الله يختبر ما في قلوبنا، يقول تعالى: (وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)، كما أكد القرآن على أن القلوب تخاف وتوجل: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)، وكذلك جعل الله مكان الخوف والرعب هو القلب؛ فقال: (وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ)، تؤكد التجارب الطبية أن مركز الكذب هو في منطقة الناصية في أعلى ومقدمة الدماغ، وأن هذه المنطقة تنشط بشكل كبير أثناء الكذب، أما المعلومات التي يختزنها القلب؛ فهي معلومات حقيقية صادقة، وأن الإنسان عندما يكذب بلسانه؛ فإنه يقول عكس ما يختزنه قلبه من معلومات، ولذلك قال تعالى: (يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ)؛ فاللسان هنا يتحرك بأمر من الناصية في الدماغ، ولذلك وصف الله هذه الناصية بأنها: (نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ)، ويؤكد بعض الباحثين على أهمية القلب في عملية السمع؛ بل إن الخلل الكبير في نظام عمل القلب يؤدي إلى فقدان السمع، ولذلك ربط القرآن بين القلب وبين السمع؛ فقال: (وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ).

كما تحدثوا عن الدور المهم للقلب في العلم والتعلم؛ لأن القلب يؤثر على خلايا الدماغ ويوجهها، والقرآن قد ربط بين القلب والعلم، قال تعالى: (وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)، وما هذه الملامح والإشارات إلا دليل على علاقة القلب بالأمور الروحية وقضايا الإيمان والكفر، وسبحان القائل: (تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآَيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ). .