بالإيمان تسكن مشاعرنا

أميمة عبد العزيز زاهد

سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية ـ عن ‏(‏الصبر الجميل‏)‏ و‏(‏الصفح الجميل)‏ و‏ (‏الهجر الجميل)‏ ‏فأجاب:‏ إن اللّه أمر نبيه بالهجر الجميل، والصفح الجميل، والصبر الجميل: فقال سبحانه «واهجرهم هجراً جميلاً» هو هجر بلا أذى وبلا عتاب، فلو طبقنا هذه القاعدة الشرعية في تعاملاتنا لتأكدنا أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية ولارتحنا وابتعدنا عن الشحناء والخصام، وقال تعالى «فاصفح الصفح الجميل» وهو الصفح والتسامح والعفو بدون مَنّ ولا إذلال ولا أذى، بل بكل حب ومودة لنعيش بسلام وأمن وسكينة، أما عن الصبر فقد قال تعالى «فاصبر صبراً جميلاً» وليس مجرد الصبر، فالصبر على ما يصيب الإنسان من القضاء المقدر هو صبر بلا شكوى، كما أن الشكوى إلى اللّه لا تنافي الصبر الجميل، فمن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ (اللّهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، أنت رب المستضعفين وأنت ربي، اللّهم إلى من تكلني‏؟ ‏ إلى بعيد يتجهمني‏؟ ‏ أم إلى عدو ملكته أمري‏؟ ‏ إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، غير أن عافيتك هي أوسع لي‏ أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن ينزل بي سخطك، أو يحلَّ علي غضبك، لك العتبى حتى ترضى‏)‏‏، ‏وذلك أن المشتكي طالب بلسان الحال: إما إزالة ما يضره أو حصول ما ينفعه، أما نحن فماذا عنا؟ وأين منا الصفح والعفو والتسامح والصبر، فنحن كأي مجتمع تعيش فيه العديد من الجرائم الإنسانية والاجتماعية ما لا تعد ولا تحصى، منها الكذب والنفاق، والنميمة والمداهنة، والحقد والكره، والحسد والبغي، والظلم والقسوة، والتجبر والكبر، والخيانة والرياء، والمكر والخديعة، والطمع والجبن، والبخل والعجز، والذل والغيبة، والغضب، وغيرها من السلوكيات التي تعيش في أعماق فئة مريضة، ورغم أننا نعتبرها جرائم إلا أن فاعلها لا يعاقبه القانون، وتظل الفئة السوية تعاني في الحياة مع تلك العينات المريضة، وتتعذب في التعامل معها، وتتحمل ضغوطاً نفسية واجتماعية وصحية وتصاب بالتوتر، ولن تتمكن من مواجهتها وتحملها إلا بالصبر والصفح الجميل، فمطالب الحياة تتزايد يوماً بعد يوم، وتلقي بأوجاعها وأثقالها علينا، وتطيح بأحلامنا وتهزم أمانينا وتشعرنا بخيبة الأمل، فلنحرص على التحلي بالصفات الكريمة، ونجاهد في ذلك، فإننا لن نتمكن من مقاومة الأزمات ولا المحن ولا المشاكل، ولن نتمكن من التغلب عليها إلا بالصبر والصفح الجميل، وأن العلاج الناجح لن يكون إلا بالإيمان، فقلوبنا ستكون أقرب للخير والسلام وأقرب للتسامح والعفو، فبالإيمان تسكن مشاعرنا وتخفف حده التوتر والقلق، ونصبح أكثر صبراً ولنحتسب أجر كل حركة وقول وتصرف لوجه الله تعالى.

 

همسة صدق

الضمير صوت صغير يهمس في أذنك ليريك كم أنت صغير..