تقارب النفوس

أميمة عبد العزيز زاهد
تتجاذب أو تتنافر النفوس عندما تتقارب في الوسط الواحد، وأين كنا وفي كل وقت وفي أي مجتمع نحيا فيه من الطبيعي إننا نحس بالانجذاب نحو أشخاص معينين، ونبتعد عن آخرين وقد يكون التجاذب بسبب أخوة مبنية على الإيمان الصادق، وهو الهدف المطلوب، وقد تجمعنا مصلحة مادية أو اجتماعية أو علمية أو مركز ومنصب أي مجرد منفعة شخصية ومصالح مشتركة، وقد يحدث انجذاب بين طرفين للموافقه والتكامل والتشابه في الطباع والسلوك فيشعران بالارتياح معاً، وقد يكون والعياذ بالله التقارب في المعصية والاستمتاع بها وتسهيلها فيحدث الانجذاب......وفي الغالب يعود التنافر لأسباب عديدة أهمها ضعف الإيمان، والذي يحدث هوى في النفس، ويفسد الود ويفرق الأصدقاء فإذا ضعف الإيمان عند أحد الطرفين فلن يحدث انجذاب عند الآخر، وقد يكمن السبب في سوء الظن فيقوم البعض بفهم الكلام، وتفسير الموقف وتحليله على هواه، ويبني شعوره على ما استنبطه من تحليل، ويظل يتعامل بإحساسه ويحاسب غيره، ويفسر كل تصرف على مزاجه؛ ما يسبب التشاحن من دون وجه حق، وقد يكون التنافر غير منطقي كالاعتماد على جمال الشكل، وحسن المظهر واختلاف الطبقات الاجتماعية. وأحياناً يكون السبب حب القيادة، فعندما يرغب شخص أن تكون له الريادة، ويرى نفسه أنه الأفضل، ويجب أن يكون في القمة فهو من يستحقها فشخصيته وصفاته تؤهله لذلك، ولن يرضى ولن يتنازل عن هذه المكانة التي وضع نفسه فيها، ويظل الصراع يدور والمؤامرت تحاك حتى يتنازل من حوله قهراً، أو ينسحب وفي أعماقه تتراكم الضغينة والبغضاء. كذلك عندما يحدث سوء تفاهم بين اثنين، ويتمنى كل منهما في قرارة نفسه أن ينتهي هذا الخصام، ولكن المشكلة تكمن في من يكون البادئ في التواصل، ومن الذي يطلب المصالحة وبالتأكيد يقوم الشيطان بدوره في الوسوسة لكل منهما بأنك لو كنت البادئ، فأنت ضعيف ومخطئ، وبالتالي يطول الشقاق وتحدث القطيعة والفراق، وتناسي كل منهما بأن خيرهما الذي يبدأ بالسلام. وقد يكون السبب نفسياً كالعبارات التي يطلقها بعض الناس بأنه لا يرتاح عندما يسمع أو يشاهد شخصاً ما، ويبرر تصرفه بأن شكله وأسلوبه وهيئته لا تعجبه، وقد تكون الأسباب تافهة ولكنها تولد الفرقة. ومن أصعب الأمور القيام بالإصلاح والتوفيق بين أفراد متنافرين، ففيها من المشقة ما فيها؛ لذا لا يمكن لأي شخص أن يقوم بهذه المهمة، وينصب نفسه مصلحاً؛ لأنه قد يزيد الأمور تعقيداً، ويعمق الجروح بدلاً من علاجها، ولابد لمن يحتكم إليه أن يتميز بالحلم وبالخبرة والحنكة، فالممارسة والتركيز والانتباه وتقديم الموعظة والعبر والتذكير بما جاء في الكتاب والسنة من الترغيب بالصلح وحسن الخلق، والترهيب فيما جاء بالهجر وقطع الأرحام، وإشاعة الفتن تحتاج لشخص واعٍ متفهم حكيم، وقبل كل ذلك يتصف بمخافة الله في السر والجهر