ثقافة الاختلاف

مبارك الشعلان
ألا تحاول الانتصار في كل الاختلافات، فأحياناً كسب القلوب أولى من كسب المواقف، ولا تهدم الجسور التي بنيتها، وعبرتها، فربما تحتاجها للعودة يوماً ما. دائماً أكره الخطأ، لكن لا تكره المخطئ. ابغض بكل قلبك المعصية، لكن سامح وارحم العاصي. انتقد القول، لكن احترم القائل، فإن مهمتنا هي أن نقضي على المرض، لا على المرضى. لا تحاول أن تكون مثالياً في كل شيء، لكن إذا جاءك المهموم فأنصت، وإذا جاءك المعتذر فاصفح، وإذا قصدك المحتاج فانفع وحتى لو حصدت شوكاً يوماً ما، فكن للورد زارعاً. هذه كلمات كتبت بماء التجربة الإنسانية الرائعة وتنسب إلى مدرسة الشافعي الرائعة، فيحكى أن يونس بن عبد اﻷعلى، أحد طلاب اﻹمام الشافعي، اختلف مع اﻹمام محمد بن إدريس الشافعي، في مسألة أثناء إلقائه درساً في المسجد، فقام يونس بن عبد اﻷعلى مغضباً، وترك الدرس، وذهب إلى بيته فلما أقبل الليل، سمع يونس صوت طرق على باب منزله، فقال يونس: من بالباب؟ قال الطارق: محمد بن إدريس. قال يونس: فتفكرت في كل من كان اسمه محمد بن إدريس إلا الشافعي. قال: فلما فتحت الباب، فوجئت به. فقال اﻹمام الشافعي: يا يونس تجمعنا مئات المسائل، وتفرقنا مسألة؟! أخيراً ثقافة الاختلاف غير موجودة هذه الأيام فجرب أن تختلف مع واحد ديمقراطي جداً من «إياهم» لتثبت له أنك ديمقراطي مثله، وأن لديك رأياً آخر مثله، ولكن رأيك مخالف لرأيه، لحظتها ستعرف كم هو ديمقراطي، هذا الرجل الديمقراطي الذي يشجع الديمقراطية صباح مساء، وستكتشف أن أول شيء يفعله ليس «إرساء دعائم الديمقراطية التي «يتفشخر بها»، وإنما إرساء دعائم الديكتاتورية التي يمارسها»، والتي تقوم على قاعدة أن «رأيه ديمقراطي يستحق التشجيع، ورأيك دكتاتوري يستحق الإلغاء». أو على طريقة الديمقراطية العربية الشهيرة «من حقك أن تقول نعم، أو لا» ولكن قل نعم «أحسن لك». وبما أن كل مواطن عربي يريد ما هو «أحسن» فله أن يقول نعم، ونعم كبيرة للقائد، ولكل قائد، كي يجعله يعود سالماً إلى بيته، وينام في فراشه، بدلاً من أن «يحجز له سويت في أحد السجون» فالديمقراطية في هذه الحالة ضارة بصحة المواطن تجعله «طرد سجون» في حين الدكتاتورية تعطيه ما هو «أحسن له»، وتجعله يعود سالماً إلى بيته وأولاده. إذاً أيهما أفضل، الديمقراطية المستوردة، أم الدكتاتورية المصنعة محلياً؟ شعلانيات: | أحياناً لابد أن تخسر البعض لتربح ذاتك. | ليت البعض يتقن حُسن الظن، كما يتقن إساءته. | مُسامحتك للآخرين تجعل عقلك أكثر صفاءً، من التفكير في أشخاصٍ لا يهُمك أمرهم. | عندما تعيش في سلام مع الآخرين، فأنت تعيش في سلام مع نفسك