جرح القريب

محمد فهد الحارثي

أستغرب كيف يكون قريباً ولئيماً، كيف يمكن له أن يجرح؛ بدلاً من أن يحضن. كيف يمكن أن يخسر كل شيء من أجل لا شيء. الجروح من القريبين مؤلمة وقاسية. تفاجئنا في ظروف لا نتوقعها، وفي وقت لم نحسب حسابه.
ما أصعب التنكر والجحود. ما أقسى القلوب الميتة. تتجاهل كل شيء، وتتناسى الماضي، وتتغاضى عما يجب وعما لا يجب. تصبح اللغة صمتاً وتجاهلاً وإنكاراً. ما أصعب حين نرى الأشكال على طبيعتها، والألوان بكل فجاجتها. تسقط ورقة التوت الأخيرة، وتتمنى أن هذه اللحظة لم تأتِ.
نثق بفطرتنا وطبيعتنا. نمنح الفضاء بكامله لهم، ونتوسم فيهم النبل والقيم؛ لنكتشف أن طعنة الأقرب موجعة؛ لأنه في المسافة الأقرب لنا. مخيف هذا النفاق والتلون والإنكار. والأغرب القدرة على المواجهة، وقلب الحقائق، ولعب دور الضحية بكل اقتدار.
مخيف هذا الزمن؛ إذا كان القريبون يصبحون في لحظة غرباء. نبحث عن مستقبلنا معهم، فنرى اللوحة صامتة ماعدا ملامح من سذاجة الماضي وسهولة الثقة وطوباوية الاعتقاد. حينما تخسر منْ تراهن عليهم تهتز ثقتك في كثير من المسلمات، فكيف يمكن أن تراهن على منْ هو بعيد عنك.
يخطئ من يعتقد أن التذاكي شطارة وبطولة، وأن القدرة على المراوغة شيء من المهارة. فكل هذه حسابات خاطئة وانتصارات في الوقت الضائع. فسوف تأتي لحظة المواجهة، وسوف يكون هناك الخط الفاصل بين وهم الادعاء وحقيقة الواقع.
مهما يكشف لنا الزمن عن تلونهم ونفاقهم، فلا تتغير قناعاتنا ومبادئنا. فنحن نثق بالله أولاً، ثم بأن الحق يعود مهما طال زمنه. وأننا نتجاوز بمحبتنا وطيبتنا، لكن هذا لا يعني تنازلنا عن حقوقنا. فالعدالة ستقول كلمتها في نهاية المطاف.
اليوم الثامن:
الذين يتماسكون بدلاً من أن يشعروا بالخجل
ويمعنوا في الكذب، ويصروا أنهم أصحاب حق
فهؤلاء حقيقة هم الخطر، فاحذر منهم إلى الأبد...