سيدي الرجل "1"

أميمة عبد العزيز زاهد

أرجو يا عزيزي أن تستوعب ما أقوله ولا تنزعج من كلماتي؛ إذا أنا بحت بشعوري؛ فأنت دائمًا تحاصر المرأة حتى تمتلكها، ثم بعد ذلك تقتل أجمل ما فيها، مشاعرها، وأنوثتها، وعطاءها، وأنا يا سيدي أريد أن ألغي من قاموسك كل التعبيرات التي صنعتها أنت وتصورتها مخلوقة معي؛ فإذا ضحكتُ فأنا مستهترة، وإذا صمتُّ نكدية، وإذا فكرتُ أكون متطاولة، وإذا تشاءمتُ أُصبح كئيبة، ولو تفاءلتُ أكون واهمة، وإذا تكلمت مسترجلة، ولو تفوقتُ فهي المصادفة، وإذا نجحت فمغرورة، ولو تزينت فمخادعة، وإذا توظفت فأطلب المساواة، ولو تفرغت كسولة، ولو بحت بحبي فلا حياء عندي، وإذا كتمت مشاعري أكون معقدة، ولو اهتممت بنفسي أصبح أنانية، وإذا طاوعتك فشخصيتي سلبية، وإذا خالفتك فمتمردة؛ حتى اليوم الذي تقرر فيه أن تمنحني حقوقي، تهضمها فتعطيني حرية المشاركة وليس حرية التفكير، تسمح لي بالعمل وليس في اتخاذ القرار؛ فأنت تفتقد القدرة على التعامل مع كياني وعقلي وقلبي، تخاف من إبداعي وترفض الاعتراف بقدراتي، تريدني أن أسير في اتجاه واحد وحيز ضيق، ولم تفهم أني لن أكون نسخة لما تريده، ولن أسجن نفسي داخل قيودك، ولن أكون في نظرك مجرد الأنثى الجميلة الساذجة، ولن أكون كحبة الدواء تأخذني لحظة تعبك، ولن تنتحر أنوثتي بمجرد أن أطالب بحقوقي؛ فلا مساومة ولا تفاضل لدي؛ لأني سأحتفظ بالاثنين معًا، أنوثتي وحقوقي، ليتك تعرف أني أرفض الحياة مع رجل يجبرني بكل أنانية على التخلي عن مطالبي وإنسانيتي وأفكاري وأحلامي؛ متأكدة أنا من أنه لا شيء في هذا الكون يرضيك، ولن ولم يعجبك أيٌّ من تصرفاتي أو كلامي؛ فأنت تريدني امرأة لكل المواسم، تريدني جميلة وجذابة ورشيقة ومثقفة، وأن أكون مستمعة جيدة ومتحدثة لبقة، ومتلونة حسب مزاجك، ولا يمكن أن تجد كل تلك الصفات التي تطلبها على وسع هذا العالم، ولو فرضًا ووجدتها؛ صدقني فلن تقنعك أو ترضي غرورك، سيدي الرجل أنت لا تريد أن تعترف بأن حياتك العملية تؤثر سلبًا على حياتنا الأسرية، وعندما أناقشك لا تحاول حتى أن تنصت، وتعتبر مجرد حواري معك مجادلة، وتريد مني في كل حوار أن أردد: نعم معك حق حتى لو لم يكن رأيك منطقيًا، وتصنفني بعدها بالندية وبأني لم أفهم قصدك ولا نيتك، وكان عليّ أن أركز على ما بين السطور لأعرف ما تريد من خلال حركاتك ونظراتك، وقد تطاولُ أحيانًا لتستعرض عضلاتك عليّ، ونسيتَ أن القوة ليست قوة الجسد؛ بل القوة الحقيقية أن تملك نفسك عند الغضب، وأن توازن بين الحزم والرحمة، وتفرق بين الصرامة والقسوة، ويا ليتك تستوعب أن هناك فرقًا بين أن أكون الحضنَ الذي يحتوى تنفيس غضبك، وبين أن تجعلني أداةً تستخدمها للتنفيس، ونستكمل بإذن الله في المقال التالي..