فلسفة الزواج والحب  ـ2ـ

أميمة عبد العزيز زاهد

 

 

عودة للمقال السابق، إن الحب في مرحلة الانبهار طبيعي؛ لأنك لا ترى عيوبًا.. لكن وصولك إلى مرحلة التعايش؛ فهذا يعني أنك عرفت شخصًا وأدركت عيوبه، وظللت مصرًا على الحياة معه رغم كل شيء.. وهي تعني أقصى درجات الحب التي من الممكن أن تصل إليها العلاقة.

هذا هو الحب، العلاقة الناجحة، وهي علاقة تحافظ على اتزانها في جميع هذه المراحل.. فبعد أن نصل لمرحلة التعايش.. لا بأس من أن نستحث مرحلة الانبهار من حين لآخر.. نزور ذات الأماكن التي كنا فيها في بداية تعارفنا.. كلمة رقيقة.. لمسة حانية.. هدية بسيطة.. هذه هي العلاقة المثالية.. وليست مرحلة الانبهار فقط كما توهمك الدراما.. والكثير من الشباب من يقع في هذا الفخ.. حين يجدون أن علاقتهم قد نضجت أخيرًا وانتقلت إلى المرحلة التالية، يعتبرون هذا فشلاً؛ لأن مشاعرهم قد تغيرت دون أن يفهموا السبب.. ويكون هذا سببًا في إفساد علاقة رائعة، إننا بحاجة للنظر إلى الحياة الزوجية على أنها هدف جميل نسعد بتحقيق نجاحه، ومع الأسف أننا لم نتعلم ثقافة الحب وأسس الحياة الزوجية من المصادر الشرعية، ولا من الجوانب التربوية الصحيحة، وانجذب معظمنا لوسائل الإعلام بشتى قنواتها، والتي قدمت لنا قشورًا منها على طبق من فضة، ولا بد أن نعرف أنه من الصعب أن نجد شخصًا كاملاً، لكن الأهم هو البحث عمن له أهداف مشتركة وليس صفات مشتركة؛ حيث يصعب تحقيق التوافق الكامل.

إن وجود المشكلات التي تبدأ صغيرة بعد الزواج دون حل أو علاج، يجعلها تتضخم ويصبح استمرار الحياة الزوجية هادئة أمرًا صعبًا، أما علاج كل مشكلة من بدايتها بحب وغفران ومصارحة؛ فيهوّن الكثير من الصعوبات والمشكلات في الحياة، وحتى نصل إلى تحقيق زواج ناجح بلا أمراض ولا تصدعات، لا بد من المناقشة وفتح باب للحوار؛ ليعبر كل طرف عن متطلباته وعن كل ما يضايقه وبالكلمة الطيبة والتفاهم والحوار العقلاني، ويمكن لكل طرف أن يضحي ببعض من وقته وراحته لإسعاد شريك حياته؛ فيجد مردود هذه التضحية سعادة وراحة أكثر بكثير مما أعطى، ولحظتها ستبحر مركبة الحياة في هدوء، وتصل بكل سكانها إلى بر الأمان‏؛ فحب الزوجين حب المودة والرحمة، والأمان زوج وزوجة يصغيان يصمتان يضحكان يفكران معًا، ويتعاونان وتتعانق أفراحهما ويصبران على الأيام الصعبة معًا، أما الزيجات القائمة على المثالية، هي في الغالب أكثر الزيجات عرضة للمشاكل والانفصال؛ فالكمال في كل شئ يعتبر نقصًا متى تدراكنا أن جمال كل شيء في اتزانه وليس في كماله، ونركز على نقاط قوتنا ونحاول أن نجعل من نقاط ضعفنا دافعًا أقوى لاستمرارنا، مع محاولة تهذيبها، عندما تتحقق السكينة بين الزوجين، تهدأ النفوس ويشعران بالطمأنينة والاستقرار، وأما المودة فهي من المحبة التي مع مرور الأيام تربط بين قلبيهما، وبالرحمة وهي الرقة والرأفة والتسامح والتعاطف، يكتمل إطار المحبة ويفتح الباب للسعادة.