كافأتني بزوجة

أميمة عبد العزيز زاهد

 

قالت: يا سيدي إن هذا الواقع الأليم الذي أحيا فيه معك لم يكن وليد اللحظة ولا الأمس القريب، إنه نسيج سنوات من شبابي.. شباب مضى ولن يعود، طال ندمك أم قصر، أو حتى أدميت نفسك من الحسرة.. وخابت توقعاتك وكنت تعتقد أن باب تسامحي سيظل مفتوحًا أمامك إلى الأبد.. أجبني بصراحة!! بما سينفعني ندمك بعد أن فات الميعاد! 

لقد أحببتك من خلال مواقفك معي ومع كل من حولي.. وكنت بارعًا في تمثيل دورك، فكل تصرفاتك، ما ظهر منها وما بطن، كانت لصالحك، وأنا بطبيعة الحال صدقتك بقلبي الأحمق، الذي لا خبرة له، فقد كنت صيادًا بارعًا وأنا فريسة محبة، عشت معك شهورًا من السعادة اليتيمة، ولم أكن أتوقع بأن الخلل في علاقتنا سيفاجئني بهذه السرعة، وبهذا الحجم، وبهذا الشكل؛ بعدما أصبحت تصرفاتك واقعًا يلهب كياني ويصبغ جوارحي بألوان الحسرة التي قادتني إلى إحباط يجرّ خلفه سلسلة من اليأس، ولم أعد أعرف من الحب سوى اسمه، ورغم ذلك كنت في بؤرة عقلي الباطن والواعي أرفض هذا الواقع، حاولت أن أعرف أسباب تغيرك، وأن نتعاون معًا لصالح سعادتنا، خاصة وقد أصبح لدينا ولدان، وكم بررت وسامحت وكم تهاونت! وأقول لنفسي: «لعل وعسى أن تعود لصوابك»، ولكن استفحل غيابك المتكرر بلا مبررات، وانشغالك عني وعن بيتك، حتى استحكم الخلاف، وترسّخ الكذب في أعماقك، وجرى في عروقك الكذب الذي كنت تمارسه في سلوكك وتعاملاتك؛ حتى أصبح عنوانك وشعارك، وبالتأكيد كنت بينك وبين نفسك تفتخر برفع علم التذاكي والخداع، ويا ليتك توقفت عند هذا الحد، ولكنك جحدت عشرتي، ومسست كرامتي، وذللت أنوثتي، وذهبت وتزوجت، بل لم تتزوج؛ ولكنك اشتريت زوجة جديدة صغيرة وجميلة، وكافأتني على إخلاصي وحبي؛ بأن منحت ثمرة كفاحي لك وصبري عليك بزوجة.. أهديتها أحلامي بسهولة، أهديت لأخرى لا دور لها ولا فضل عليك.. عشرتي، ووضعتني في موقف شديد المرارة، فإما أن أخسر كل شيء، وإما أن أصمت على تهورك وأتقبّل الواقع، وقررت بأن أصمت وأكتم سرّي الذي أوشك أن يقضي عليَّ، حتى حاصرتني همومي، التي تحولت بداخلي إلى قوة، فلماذا تعيش أنت في قمة السعادة، وأحْيَا أنا في قاع الإحباط؟! وبدأت ألملم بقايا كرامتي المسلوبة، وتسبقني رغبة جامحة في الانتقام لحالي، الذي وصلت إليه بسببك، فما زلت أنثى أملك عواطف وهبتها لمن لا يستحقها، ولم يقدّرها، ولم يكرمها، وبكل شجاعة قررت أن أنسحب من عالمك المخادع،  وتركت منزلك، ولم تعلّق أو تفكر حتى بمراجعتي أو مصالحتي، بل بادرت بطلاقي؛ خوفًا من أن أغيّر رأيي، وكانت المفاجأة؛ أنك عدت بعد سنوات طالبًا مني أن أصفح عنك، وأن أسامحك، وحاولت أن تبني ما هدمته، وتحيي مشاعري التي أعدمتها حقيقة! وبدوري حاولت أن أخرج عن خصائص البشر وصفاتهم، ولكني فشلت، فأنا إنسانة من لحم ودم، ولست ملاكًا، واعتقدت أنني أستطيع أن أحتويك كما السابق؛ فاكتشفت أنني لم أستطع.. وظننت بأني سأتمكن من الصفح عنك؛ ولكنني لم أتمكن من مسامحتك! .