لا داعي للقلق

أميمة عبد العزيز زاهد
| الحقيقة أن بداخل كل منا موروثات غريزية وفسيولوجية ومعتقدات اجتماعية ونفسية، والإنسان وحده هو القادر على أن يكتشفها حين يبحر في أعماقه، ويتعرف على السبب الأساسي لقلقه ويعرف أين تكمن مخاوفه، فمصارحة النفس ومعرفة المواطن التي تسبب القلق في الغالب تكون علاجاً ناجحاً لاتخاذ قرار فعال، إما بالابتعاد عن مصدر القلق أو بمحاولة استبداله عن طريق تغيير الأفكار وتعديل التوجهات تجاه الأمور المزعجة، أو التقبل والتعايش مع الواقع بكل رضا، ولكن يظل يحيرني ويتردد باستمرار في تفكيري دوماً لماذا المرأة أكثر قلقاً من الرجل؟ حتى قرأت مؤخراً عن دراسة علمية استغرقت أكثر من عشرين عاماً عن اختلاف وظائف المخ بين الرجل والمرأة، وأكد العلماء أن مخ المرأة يدرك ويستوعب أكثر من مخ الرجل، لذلك يكون قلقها أكثر منه، لذا فالمرأة تقع فريسة للقلق أكثر من الرجل بثلاثة أضعاف، وأفادوا بأن هناك أربعة أسباب لذلك، السبب الأول نفسي واجتماعي، ومن خلاله تتعلم المرأة وتتدرب منذ طفولتها على الاعتماد على الرجل بداية من الأب إلى الأخ ونهاية بالزوج، وبالتالي ليس أمامها سوى انتظار نتيجة ما الذي يقررونه لها من خلال رؤيتهم، خاصة في الأمور التي تحدد مصيرها، ويزداد الأمر سوءاً لو تعقدت المسائل معهم، ويتملكها الشعور بالعجز عن إصلاح علاقتها، فتتزعزع ثقتها في نفسها وينتابها القلق. والسبب الثاني غريزي، فالمرأة لديها استعداد فطري للقلق ليس في الشؤون التي تخصها فقط، بل قلقها يمتد لمن حولها، وتزداد هذه الغريزة عندما تصبح أماً ومسؤولة عن رعاية أبنائها، أو موظفه مسؤولة عن عملها. والسبب الثالث مجتمعي، وهو ناتج عن تعدد أدوارها كزوجة وأم وربة منزل، بالإضافة إلى أنه إذا كانت امرأة عاملة ومع بذلها لجهود مضاعفة، حتى تتمكن من القيام بكل تلك الأدوار، وقد تقع فريسة لضغوط نفسية، خاصة أن المجتمع لا زال يؤكد بأن حسم القرار مازال في يد الرجل؛ لأن اتخاذ القرار من وجهة نظرهم يتنافى مع مبدأ الأنوثة. أما السبب الرابع فهو فسيولوجي، وقد خلقه الله في تكوينها، فالاضطرابات الهرمونية تصيب ملايين النساء بالاكتئاب، وتسبب لهن نوعاً من الحساسية المفرطة، فالمجتمع مع الأسف يطلب من المرأة إنجاز العديد من الأدوار التي قد تدفعها إلى دائرة القلق والتوتر، ومن أجل ذلك عليها أن تحدد المهام التي يمكنها إنجازها فعلاً حسب قدراتها وإمكاناتها، أما الأمور التي تخرج من نطاقها فيمكن أن تفوض غيرها، ومن المهم أن تدع لوم نفسها وبأنها مقصرة، ويجب أن تتذكر أنها إنسانة لها حقوق وطاقة وإمكانات وقدرة محددة، فلا تستسلم للأوضاع التي من حولها ولا للضغوط التي تحملها فوق طاقتها، وأن تتأكد أن لها الحق في التمتع بأوقاتها بصورة أكثر فعالية، وليست مجرد آلة مبرمجة تعمل فقط من أجل الآخرين