لن أكون سوى أنا

أميمة عبد العزيز زاهد
عزيزي، لن تستمر حياتنا طويلاً، طالما بقيت مصراً على أن تعقد مقارنات بيني وبين زوجتك السابقة، ألا تفهم بأني إنسانة مختلفة عنها اسماً وشكلاً؟ قولاً وفعلاً؟ وأن هناك فرقاً بين حياتك معها وحياتي معك؟ أنا لا علم لي بحياتك السابقة، إلا ما أخبرتني أنت به؛ فقد كنت تتعامل مع زوجة لم تنل حظها من التعليم، وليس لديها أي طموحات ولا اهتمامات، سواء بنفسها أو بك، أو حتى بأولادها، ولم تكن تعرف على حد قولك، أبسط القواعد لتدبير شؤون منزلها، ولم تكن قادرة على المناقشة أو الحوار، أو حتى التصرف في أصغر الأمور، وبالتالي فكنت أنت الآمر الناهي، وصاحب القرار الأول والأخير، دون أدنى مناقشة أو نقد أو معارضة، وتعبت من حياتك وقررت إنهاءها، والارتباط بأخرى، أردت إنسانة وزوجة تشاركك الرأي والمشورة، وتساندك في رحلة حياتك العملية والعلمية، أو بالأحرى تريد من تتحمل عنك أعباءك، وتقدمت لي على أساس أني موظفة، ونلت قسطاً عالياً من التعليم، وبدوري لم أكذب عليك، أخبرتك من البداية بأني مللت تحمل المسؤولية، وأريد زوجاً يحمل عني أعباءً أثقلتني، ويقوم بالقيادة بدلاً عني، رجلاً عاقلاً حكيماً، يسكن الحنان بين ضلوعه، وسعدت بك وبحظي الذي وهبني لقب زوجة؛ لأني كرهت كل الألقاب الأخرى، ولا أريد سوى لقب واحد، زوجة، بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، وتزوجتك لترعاني وتهتم بي، وتعيد لي أنوثتي الغائبة، ولأقوم بدوري كزوجة وربة بيت، ولكن مع الأسف أراك زدت أعبائي وهمومي هماً جديداً، فبانتقالك إلى حياة جديدة وبامرأة مختلفة، أردت أنت أن تغير وضعك السابق، وأن أكون أنا المتصرفة والمدبرة في الأمور كلها؛ لأن من حقك أن ترتاح، ولأن هذا هو ما كنت تبحث عنه، لم أعارض، فأنا سأشاركك حياتك، أتفهم؟ أشارك.. وليس القائد.. حاولت أن ألتقي معك عند نقطة مشتركة بيننا، ولكنك مع الأسف رفضت جميع الحلول، وكانت ردة فعلك أنك غيرت تعاملك معي، وبدأت تجرح أحاسيسي بمقارنتي بزوجتك الأولى، وحتى ترضي غرورك كرجل، قررت أن تعود إلى عهدك السابق؛ فتقوم أنت بالحوار أو بالأحرى الصراخ، وتريدني أن أنفذ أوامرك دون مناقشة أو تفاهم؛ لتجعلني نسخة مكررة من زوجتك الأولى، ولم تكلف نفسك فرصة التعايش مع واقعك الجديد، ولا تعلم أنك ستكون الخاسر؛ لأنك ستتحمل أعباء فشل آخر في حياتك. لماذا لم تحكم عقلك، قبل أن تتزوج مرة أخرى؟ لماذا لم تبدأ حياتك معي بقلب جديد؟ لماذا لم تسأل عن سبب فشلك في المرة الأولى؟ وما أخطاؤك حتى تتجنبها معي؟ ولماذا لم تشف جراحك الماضية؛ حتى تعيش معي بسلام وسعادة، بدلاً من عقد مقارنات بيني وبينها، والذي سيؤدى حتماً للفشل؟ كان بإمكانك أن تحكم عقلك وضميرك وقلبك ومشاعرك؛ لأنه يا عزيزي مهما فعلت وخططت، فأنا في النهاية لن أكون سوى أنا