معيار نجاح الزوجة "2"

أميمة عبد العزيز زاهد

استكمالاً لما بدأناه في المقال السابق عن عمل الزوجة، هناك من تؤكد دومًا النغمة السائدة بأن المادة هي العامل الأساسي لإنجاح الزواج، بدليل أن كل شيء في هذا الزمن أصبح له ثمن، حتى المشاعر، وكل ذلك يؤدي إلى تعطيل الحوار وتوقف الأحاسيس والمشاعر الجميلة بينهما، وبسبب سوء تصرفاتها وتقصيرها في دورها، وإهمالها في تلبية متطلبات أسرتها، يبدأ الزوج بصب جام غضبه عليها وعلى كل من في المنزل، ويستخدم أساليب لم يكن ليستخدمها من قبل؛ ليقلل من شأنها وفشلها كزوجة وأم وربة بيت، وحين يطالبها بأن تهتم بدورها الأساسي، وتهتم به كزوج وبأبنائها، أو تترك الوظيفة ما دامت لا تستطيع التوفيق بين العمل وبيتها، ترفض وبشدة؛ لأنها تعتقد بأنه يريد أن يخلعها من جذورها، لأنه يغار من نجاحها ويريد أن يحطمها، لأنها أكثر تفوقًا وعلمًا منه، قال زوج: إن استقلال زوجتي مادياً قلل من ساعات التواصل بيننا، وبنى حواجز ثلجية، وقلل من شعورها بالاحتياج لي، لقد تغيرت للأسوأ، وبدأت تعايرني بأني كنت مقصراً في التزاماتي ولم أوفر لها احتياجاتها، وكم من المرات هددتني بأنها ستستقل بحياتها لأنها ستعيش أفضل، فهي ليست بحاجة بأن تستظل بظلي، فعملها قد حقق لها مكانة مميزة، ومنحها الأمان والاستقرار والاستقلالية، وأصبحت تتهمني بالعجز، وبأني زوج فاشل، وأنا من وجهة نظري أقول: إن الأيام علمتنا بالدروس المؤلمة أنه لا قيمة للمال في حد ذاته، إذا كان الإنسان مؤرق الضمير، معذبًا‏ً، ومقصراً،‏ ولا أمان للأيام إن لم يتسلح المرء لها بالعدل مع الجميع‏، واجتناب الظلم وإيلام الآخرين والتعدي على حقوقهم‏، إن مثل هذه الزوجة نسيت واجباتها والتزاماتها، وكان عليها أن توازن بين جميع أدوارها، خاصة إذا كان ذلك باختيارها، فعليها أن تشرف بنفسها على كل كبيرة وصغيرة، وأن تفهم بأن ما تقدمه لا يعتبر تنازلاً كما قد تتوهم، وإنما هو عطاء متبادل تستوجبه العلاقة، فيجب على الزوجين أن ينظرا معًا نظرة مشتركة رغبة في العطاء دون أن تكون للحسابات المادية أي تدخل حقيقي، هناك حالات تتعالى فيه بعض الزوجات على زوجها، وتسيء معاملته، وهناك من يرفض هذا الوضع ولا يتقبله، ولكن ليس لديه القدرة بأن يطلب منها أن تتنازل عن نجاحها، أو تتخلى عن مركزها الذي حققته بجهدها ونشاطها وذكائها، ونجده يمارس صلاحيته كزوج ويحاول كسرها، علماً بأن هذه العدوانية تؤثر سلباً على علاقتهما وعلى الأبناء، وتصبح هناك حالة من الفوضى النفسية، فبقدر ابتعادها وانشغالها عن زوجها بقدر ما سينشغل ويبتعد عنها، وربما يصل لمرحلة الانفصال أو الطلاق، فالزوج يتحدث من منطلق مفهومه وإدراكه وشعوره تجاه ما يقابله من صدود أو حب، أو إقبال أو إدبار زوجته عنه. وللحديث بقية في المقال القادم بإذن الله .