مكافأة نهاية الخدمة

أميمة عبد العزيز زاهد
ص تنال الموظفة بعد انتهاء مدة خدمتها مكافأة أو راتباً تقاعدياً، سواء كانت تعمل في القطاع الحكومي أو الخاص، ولو فكرت بالاستقالة تنال مستحقاتها عن المدة التي قضتها في خدمة مؤسستها، وقد يختلف المكان والزمان ولكن الأحداث تتشابه، وقد يعيد الموقف نفسه ولكن بثوب جديد، ففي أعظم وأرقى وأهم مؤسسة في العالم وهي الزواج، قد تنتهي حالة الزوجة التي كافحت وتحملت وصبرت أعواماً، أقول قد تنتهي خدمتها إجبارياً وبأسوأ مكافأة تعرفها المجتمعات، فهناك من تعاقب بنكران الجميل، إما بالإهمال أو بالطرد، أو الحرمان من أبنائها، أو بالتنازل عن حقوقها كإنسانة، وقد يصل الحال بأن تحرم حتى من مالها الخاص، إن القصص كثيرة، ولكن العبرة منها قليلة، فعندما يفكر بعض الأزواج بالزواج بأخرى بعد مرور سنوات على زواجهم لحجج واهية وغير منطقية، سواء لكبر سن الزوجة، أو لإصابتها بمرض، أو لأنه اكتشف أنها لا تناسبه في الثقافة والتفكير، ويختار زوجة بعمر ابنته، وينسى الزوج بأن عشيرته عندما تزوجها كانت شابة وقادرة على العطاء، ويتناسى أنها صبرت وكافحت معه لتساهم وتوفر متطلبات الحياة، فهي تعبت صغيرة لترتاح وهي كبيرة، وأياً كانت الأسباب فالقضية لا تكمن بالزواج في حد ذاته؛ لأنه شرع الله، ولكن تكمن في مصير الزوجة الأولى، تكمن في آدميتها وإنسانيتها. جاءتني إحداهن، بقايا امرأة تحمل فوق ملامحها انكساراً، وفي صوتها حزن دفين يرفض أن يغادرها، قالت هل من الممكن أن ينهي إنسان حياة الآخر في لحظة؟ وأن يصدر عليه حكماً بالإعدام المعنوي وهو على قيد الحياة؟ إن عشيري قطع بيده الشعرة الرقيقة التي تربطني بهذه الدنيا، طلقني؛ لأنه اكتشف بعد زواج أعوام وجود هوة سحيقة بيني وبينه فكرياً ونفسياً وثقافياً، تركني في مهب الريح، وهو يعلم أن ليس لي مكان أذهب إليه، ولا مورد مالي أعتمد عليه. وأخرى تقول إن زوجها بعد كل تلك العشرة أخبرها بأنها أصبحت لا تروق له، ولم تعد جديرة به، فهو ما يزال في كامل رشاقته وشبابه، وذهب يبحث عن شابة تناسبه، وعندما تقدم للأخرى اشترطت عليه ليتم الزواج أن يطلق أم أبنائه حتى يتفرغ لها، ولم يتردد في تنفيذ طلبها، وهجر بيته، وكأن الزمن أوقف نموه، إنها معادلة غير عادلة، فيها إجحاف للعشرة والألفة، وهناك من طلقها زوجها غيابياً، وتوسلت إليه ليعيدها إلى عصمته، واختار الوقت غير المناسب، فهو بقراره هذا قد دمرها، فليس لها معين ولا مصدر رزق، ولا حتى بقية عمر لتبدأ حياة أخرى، ووجدت نفسها فجأة بلا بيت ولا زوج ولا مال، وهي في سن تحتاج فيها إلى الحنان والرعاية، لا أن يقتلعها اقتلاعاً من جذورها كنخلة شاخت، ولم تعد تسقط ثماراً، بعد أن استظل بظلها سنوات. وإني أتساءل: هل من حق الزوج التغيير وقتما يشاء؟ وأن يختار وقت إنهاء حياته الزوجية؟ ومن أعطى له الحق أن يقفل ملف خدمات زوجته إلى الأبد، ويحرمها من حقها الطبيعي، ويعتبرها مثل خيل الحكومة التي لابد من إعدامها بعد أن أدت مهامها بنجاح؟ .