نحو نظرة مشرقة

أميمة عبد العزيز زاهد
| يشاء الله أن يولد بعض الأطفال بنقص ما في إحدى النعم التي وهبها للإنسان، وبالتالي يصعب أن ينمو نمواً طبيعياً كغيره من الأطفال الأسوياء، وقد تكون الإصابة في جسده أو عقله أو إحدى حواسه، وقد تكون عند ولادته، أو يصاب بها في أي مراحل حياته كبيراً كان أو صغيراً؛ نتيجة للحوادث المختلفة، ولأسباب عديدة؛ أهمها إرادة الله سبحانه وتعالى، وإذا فقد الإنسان أي وظيفة من وظائف جسمه، فإنه لن يواكب غيره في التطورات الحركية أو العقلية، ولحظتها يجب أن يصبح محور اهتمام ومحط عطف وحنان، وفي الوقت نفسه مصدر قلق ومعاناة الأسرة المستمرة والمتجددة في كل تصرف ينبئ عن وجوده، وهنا تكمن المشكلة، فلابد أن تسير الأمور قدر الإمكان دون توتر في التعامل؛ حتى لا يشعر بأنه عبء وعالة على أسرته ومجتمعه، ولا يسجن داخل غرفة وتحجر فيها طاقاته، التي يمكن أن يستغلها، فلا مفر من تقبل الواقع والاندماج فيه، فالبعض قد حباه الله بالصبر والإيمان القوي، ويحاول قدر الإمكان أن يتعايش بصورة سليمة، والبعض الآخر من شدة الألم والمعاناة قد لا يعرف كيف يتصرف، ومنهم من يخجل من أن يعرف الآخرون أن لديه طفلاً من ذوي الاحتياجات الخاصة، ومنهم من يعيش في استسلام تام لما هو فيه، والبعض قد يدرك المشكلة، ولكنه يجهل كيف يتعامل مع واقعه، خاصة إذا كان يشعر أنه منبوذ، وهناك من يهملونه ولا يهتمون به، وقد تُكلَّف الخادمة برعايته، ولعدم الإدراك الواعي يتسبب كل ذلك في زيادة المشكلة وتفاقمها نفسياً ومعنوياً لجميع الأطراف، ومهما كانت الإعاقة ومهما كانت الأسباب؛ ففي النهاية هو إنسان خلقه الله وكرّمه، وعلينا واجب كبير تجاهه، وعلى الأهل أن يتقبلوا ويسلموا بالأمر ويستسلموا لقضاء الله ومشيئته برضا، فلعله يكون باباً من أبواب دخولهم الجنة، وعليهم أن يبذلوا جهداً مضاعفاً تجاهه، وتدريبه على أسس الحياة اليومية، ويعززوا إمكاناته مهما كانت ضئيلة، وألا يتوقعوا منه الكثير، وأن يتبعوا أسلوباً متوازناً في المعاملة، والتمسك بتعليمات الطبيب، والاتصال المستمر؛ لمعرفة ما يستجد في حالته، وألا يتركوه فريسة للفراغ، والإيمان بأنه إنسان قادر على إنجاز أفعال قد لا يقدر عليها الكثير من الأصحاء، فهناك الكثير من نماذج لأشخاص ابتلاهم الله، ورغم ذلك أصبحوا من الرواد والعلماء والعظماء؛ بسبب الإرادة القوية، والاحترام والتقدير، وتقديم العون والمساعدة لهم، فالمساندة والتدعيم هما ما يحتاجه، والتفكير في تطوير أساليب متعددة وملائمة لحالته؛ للاستفادة من أكبر قدر ممكن من قدراته، وهو هدف لا بد أن نسعى إليه جميعاً، فكل ما يطلبه منا هو القلوب المؤمنة الرحيمة، وأن ننظر إليه نظرة تقدير، ونوفر له الظروف المناسبة؛ ليساهم بدوره في بناء المجتمع، وكل ذلك يأتي من منطلق التكافل والتكاتف والتعاون، الذي حثنا عليه ديننا الحنيف