هل الأصل في الذل؟

أميمة عبد العزيز زاهد

 

قالت: أبي يا أعز ما أملك في عالمي، مع الأسف أعترف لك بأن حبك لي هو السبب في تدمير مستقبلي، فأنا الآن لن ألومك ولكن أريد فقط أن أذكرك، حتى لا يتكرر ما فعلته معي لا قدر الله مع إخوتي

أعرف أنك تتألم أكثر مني، ولكن ما الفائدة وقد تأخر الوقت، فأنا أعلم بأن هدفك كان الحرص على سعادتي وتأمين مستقبلي، ودعني أبدأ منذ البدايةبداية حق تقرير مصيري الذي لم تسمح لي بالمشاركة فيه، فمن وجهه نظرك ما زلت صغيرة على إبداء رأيي، ولن أنسى يوم جلست أنت وأمي تقنعاني باختياركما الأنسب والأفضل لي، وكان ردي بالقبول أو الرفض سيان لديكماترى هل تذكر يوم أتيت لك بعد شهر من زواجي لأخبرك بأن هذا الشخص الذي أعيش معه ويدعى زوجي لم أتقبله، وأني غير سعيدة ورويت لك معاناتي معه وقسوته علي، وكنت أتوسل إليك بأن أعود إليكم، كنت تسمعني حتى النهاية وتمسح دموعي وتربت على كتفي، ولكنك لم تفهمني، وكنت تقول إن هذا الوضع طبيعي لحياة جديدة وفتاة صغيرة ليس لديها خبرة، ويجب علي الصبر، وإلا أصبحت متمردة ولست ابنتك التي ربيتها على التحمل، مع الأسف فأنت لم تقدر يومًا أحاسيسي ومشاعري، كان كل همك ألا أعود إليكم امرأة مطلقة، فبماذا ستخبر أهلك، وماذا سيقول الناس؟! رغم أنك كنت تعلم بأني غير سعيدة، وواثق من آلامي ومتأكد من أن زوجي ما يزال يمارس قسوته، والمؤلم بأنه لا ينكر ولا يظهر ندمه، وفوق ذلك كان يثور في وجهي ويخبرني بأنه لم يتزوجني كي أحاسبه على تصرفاته، فهو رجل حر يفعل ما يريد وكانت القسوة والتلفظ بأفظع الألفاظ، والتي أخجل من ذكرها لغته الوحيدة في الحوار معي، وكان يظن أن صمتك موافقة ضمنية على قبول الوضع، وأن ضعفي يمنعني من طلب الطلاق، ولا يعلم بأني عندما أخبرتك يا أبي بما أعاني قلت بكل حزم إن بنت الرجال تتحمل زوجها، فبعد فترة وإن طالت سيعود لصوابه، ورفضت طلاقي وأصررت أن تعود بي أنت بنفسك لتسلمني لجلادي بيديك

 أما أنتِ يا أمي عندما كنت ألجأ إليك لأشكو همي كنت تعتقدين بأني لا أعرف مصلحتي وأريد أن أقتل سعادتي لأتفه الأسباب، واتهمتني بالأنانية وكيف أفكر بترك بيتي، فليس كل الناس سعداء، ولكن بالصبر نتحمل الشدائد، وأشعرتني بالذنب، فكيف سيعيش طفلي القادم ومع من، وهمستي لي بأن معظم الرجال هكذا، والزوجة الصالحة الذكية هي التي تداري وتحافظ على عشها، هكذا بنات الأصول، وأستمع لكلامك وأعود منكسرة لا حول لي ولا قوة، فالحياة لابد أن تستمر ويستمر معها شقائي وتزيد آلامي، ولكن للصبر آخر، فقد استنفدت كل طاقاتي وجهدي دون فائدة، فلا هو تغير ولا أنا تقبلت حياة الذل والمهانة، وفكرت كثيرًا وعدت للمرة العاشرة لذاك المنزل لأحاول مع نفسي، علها تحيا حياة طبيعية مع بسمة طفلي، وقاومت بكل ما أعطيت من قوة وبداخلي بركان لا يعلم مداه سوى الله، كنت أجاهد بكل كياني وأمومتي لإبقاء حياتي والمحافظة عليها، كنت أحاول أن أتناسى ما يفعله بي والألم قابع في أعماقي وأعيش في نفور منه وهروب مستمر من ذاتي، فكيف أجبر على الحياة مع زوج لم يحترم إنسانيتي ومشاعري، وأي ذل أعيش فيه، وكيف أمارس دوري وأنا أبتلع الإهانة والقهر باسم بنت الأصول. .