هنيئاً لك اختيارك الموفق

أميمة عبد العزيز زاهد
بعد مرور سنوات على طلاقنا طلبت مقابلتي؛ لأمر في منتهى الأهمية، في البداية ترددت، فرغم أني مسحت من ذاكرتي كل لحظاتي الجميلة وحتى التعيسة التي قضيتها معك إلا أنني كنت خائفة من نفسي؛ أن تضعف أمامك، خاصة وأنني على يقين بما تود أن تخبرني به، وعندما قابلتك ذهبت كل مخاوفي أدراج الرياح، وتأكدت أنك لم تعد ذلك الإنسان الذي كان يحرِّك مشاعري، فلم يعد نبض قلبي يدق لصوتك، بعد أن كان يخترق كل حواسي، أنا نفسي لم أكن أتوقع أنني سأصاب بالبلادة والفتور بعد أن كنت كل دنياي وحياتي، ولم أتوقع أن تنسلخ من أعماقي بكل هذه القسوة التي لم أكن أملكها يوماً، إنني سعيدة لأنني أثبت لنفسي ولك أنني أقوى من الأيام ومنك ومن حبك، أتذكر كيف كنا نحلم بأن نكون أسرة متماسكة يملؤها الحب، وتظللها السعادة، ومع الأسف تبخرت أحلامي أدراج الرياح بعد أن قررت أن تتزوج بامرأة أخرى، وزعمت بكل وقاحة وأنانية بأنك وقعت في حبها، وخيّرتني بين البقاء أو الطلاق، ورغم ألمي وقتها ومعاناتي وشعوري بالقهر؛ لأنني لم أقصر معك في أي أمر، وأنت تشهد لي بذلك، إلا أنني اخترت أن يذهب كل منا في طريقه، ووقفت بعدها موقف المتفرجة السعيدة على حياتك الجديدة، وليست المتألمة، فقد أتى اليوم الذي تحكمك فيه امرأة استطاعت بشخصيتها وأسلوبها أن تسيرك وتقودك كما تريد، وكيفما تشاء. وإنه لمن دواعي سروري أن أراك منقاداً بهذه الطريقة، وبعد أن كنت لا تتنازل عن رأيك ولا يثنيك عن عزمك شيء، وبعد أن كنت السيد في البيت والمالك والمتصرف في كل الشؤون الصغيرة والكبيرة، وصاحب القرار الأول والأخير، طلباتك كانت أوامر، ونواهيك كانت قوانين أسير عليها... بعد كل هذه السنوات شعرت الآن بمدى الفرق بين حياتك الأولى وحياتك الثانية، وعرفت كم كنت زوجة متفانية، ومضحية بسعادتي من أجل سعادتك، ولكن مع الأسف لم تكن ترى أو تشعر بذلك، بل بحثت عن السعادة مع غيري، ولكن بعد فوات الأوان اكتشفت بأنها سعادة وهمية. أيها السيد، لقد تغيرت في كل شيء، كما أن نظرتي لك تغيرت، بعد أن تحولت قوتك أمام امرأة إلى ضعف، وسلبت إرادتك أمام نفسك، وحتى أمام الناس... تريد الآن أن تستعيد رجولتك على حسابي!؟ آسفة، فأنا أريد العيش مع زوج كامل الرجولة، أريد أن أحيا تحت ظل رجل يكون قوّاماً على حياتي، يشعرني بأنوثتي، وبالأمان والاستقرار. فالرجل موقف يا عزيزي، ولا أعتقد أنك الآن وبوضعك الحالي وشخصيتك الجديدة مؤهل لذلك، فأنت بالفعل لا تصلح أن تكون زوجاً إلا مع شخصية كالتي تزوجتها، فتحمل وحدك نتيجة اختيارك لزوجة ليست من مستواك، ولا من بيئتك، ولا من مجتمعك، وهنيئاً لك اختيارك الموفق. أنين زوجة لا أستجوبك، ولكن قل لي بصراحة: ما نقائصي التي يسدها وجود الأخريات؟ فهل يا ترى نقائصي التي تجدها متمثلة في الأخريات كثيرة إلى هذا الحد؟ أسمع عكس هذه المقولة من الآخرين وأكذبهم.