‎نداء من الظل

محمد فهد الحارثي
لماذا تشعرني دائماً بأني واحدة من ضمن اهتماماتك، وأن عالمك كبير وأنا في زاوية صغيرة أستحوذ على أقل مساحاتك؟ لماذا أجدك تعطي الآخرين وتبذل من أجلهم، وحينما أكون أنا تنشغل في برامجك والتزاماتك. هل أبقى دائماً في الظل ليرتدي الآخرون ضياء حضورك؟ وهل من العدالة أن من نسعى لهم يركضون للغير، ومن نضحي من أجلهم يبقوننا في قائمة الانتظار؟ ‎تشكل عالمي في فضاء شخصك. ما من شيء في الوجود يعيد ترتيب أبجدياتي ويهندس أفكاري ويرتب حتى كلماتي إلا أنت. معك مساري كان اتجاهاً واحداً لا يعرف التراجع ورهاناً لا يعرف التخاذل. كل خطوة في حياتي أخطوها لابد أن تمر من خلالك. وأي قرار يتطلب موقفاً مني أجدني ابدأ بأولوياتك. ما أغرب أن نمنح أجمل ما في حياتنا لشخص آخر وبإرادتنا. نهرب من كل السجون لنعيش الأسر تحت قرار شخص واحد، يكون هو القاضي والخصم. ‎أخاطبك بمشاعري وليس بأفكاري. فالإنسان حينما يحب يعطي بلا حدود. ويتحمل الكثير من أجل إسعاد من يحب. فالعطاء الحقيقي هو الذي يأتي من دون شروط. ونقاء المشاعر التي تأتي خالية من المصلحة. فالمحب كالمحيط يغذي البحار ولا ينضب. نعم. تمر في حياتنا صعوبات، وليكن، فالبناء أقوى وأكبر. وعند مناطق التماس والمنعطفات الصعبة تبرز أهمية المعدن الأصيل وصدق المشاعر. ‎لا أعاتبك، لكنني أخاف ابتعادك. وترهقني هواجس انشغالاتك والتزاماتك، فحلقات حياتي اكتملت بوجودك. وربما ضاع مني عمر قبل أن تكون في حياتي، فما عدت أشعر بالندم عليه لأنك وفي زمني البسيط معك عوضتني عن كل الأعمار. كل شي في الحياة يحتمل الحوار ماعدا فكرة غيابك، فهي خارج قاموس الكلمات. ‎أريدك مني أقرب. وأن نظل الواحد الذي لا ينفصل. أقدر انشغالاتك ولكن لا تسمح للمسافات أن تباعد بيننا. كل يوم يمضي معك وأنت في حياتي عمر بحاله. وأنا في كل صباح أستعيد طفولتي لأبدأ عمراً جديداً.. اليوم الثامن: أطول مسافة في الكون الأمتار التي تفصل بيننا. @mfalharthi