الصورة الثانية

محمد فهد الحارثي

وترحل وكأن ما مضى كان شيئا عابرا. هل يمكن أن يكون العمر وهما، وهل تكون المشاعر كذبة؟ أتكون الأيام الجميلة مجرد ذكريات، والقصص والكلمات والآف التفاصيل تذهب مع الريح، نقش على الرمال،  وهل الرحيل سوف ينهي الماضي بكل عوالمه وتقلباته؟

في حياتي كانت خيارات متعددة، لكنني ألغيت جميع الاحتمالات. ووضعت رهاني عليك. لم يكن قراري، بل مشاعري التي أخذتني إليك. أقوى محرك للإنسان مشاعره، متى ما منحها لشخص تتغير أولوياته. يفكر في الآخر قبل ذاته. وأيا كان الموضوع الذي يفكر فيه فهو يضع في المقام الأول اعتبارات من يحب.

أصعب شيء في الحياة الجحود. إنه يفقدنا عذوبة الحياة ويجعلنا نتردد في إعطاء الثقة بعد ذلك، حتى لمن يستحقها. وأتساءل: هل يمكن للبشر أن يكونوا جاحدين ويستبيحوا أرقى المشاعر تحت رداء الحب؟ وهل من يغتال المشاعر الصادقة يمكن له أن يشعر براحة الضمير؟ اختلاس الأموال واستغلال النفوذ أخطاء تستوجب العقاب. ولكن من يتلاعب بالمشاعر كيف يمكن أن يحاسب، وهل هناك طريقة تمحو المشاعر والذكريات في لحظة واحدة. وتعيد لك راحة البال وبراءة الإحساس؟

حينما نعيش مشاعر الحب نعاند أنفسنا. نرفض كل شيء يخالف ما نتخيل. فنصرّ أن نسمع الكلمات التي نحب رغم مئات الكلمات المناقضة، لكنها لا تصل إلينا رغم أننا نسمعها، وتصرّ العين أن ترى ما تعتقد أنها تراه، حتى لو رأت خلاف ذلك. لذلك يقولون إن الحب هو ما نتخيله، وليس ما نعيشه.

ليست القضية الرحيل من عدمه، بل هذا القلب الذي عاند كل شيء من أجلك، وهذا الحنين الذي يأخذني إليك من بين كل البشر. لقد تحالفت معك العبارات وكل الكلمات حتى في عتابي عليك تتمنع الكلمات وتتوه الأفكار. لا أسألك البقاء. بل رد لي قلبي ومشاعري، وغادر كيفما تشاء. 

اليوم الثامن:

للأشخاص صورتان طرفي نقيض ...

واحدة حينما نحبهم وأخرى عندما نغادرهم.