الطلاق استعداد نفسي

أميمة عبد العزيز زاهد

قد تستمر الحياة الزوجيَّة رغم المعاناة والألم والعذاب والمصادمات والمشاحنات، ولا تفكر الزوجة في الطلاق، وتظل تتحمل العبء والألم والمعاناة، وبالتأكيد تعيش حياة زوجيَّة غير مستقرة وغير سعيدة.

أسباب التحمل والصبر كثيرة ومتعددة، فهناك زوجة لا تتخيل أبدًا الطلاق، ولا تتحمل فكرة الانفصال أو الابتعاد عن شخص عاشرته وعاشت معه مهما كان زوجها سييء الطباع، فالحياة رغم مساوئها بالنسبة لها أفضل من حياة ما بعد الطلاق، فهي لا تريد أن تصبح مطلقة بلا رفيق أو شريك ومثل هذه الزوجة لديها تكوينها الشخصي الخاص بها، فالطلاق بالنسبة لها استعداد نفسي يحتاج للقدرة على الاستقلاليَّة والاستغناء، من دون، ألم عن الوليف، فالخوف من فكرة التغيير والحياة من جديد مع إنسان جديد مسيطر عليها، فهل ستجد شريكًا جديدًا؟ وكيف ستجده؟ وكم سيكون عمره؟ وكيف كانت حياته السابقة؟ وهل هناك ضمان للنجاح في حياة جديدة؟ ولماذا تبدأ من جديد؟ الكثير من الأسئلة تلح على خاطرها وتدعوها للتردد والقلق، وفي النهاية تستسلم وتتقبل الواقع والاستمرار في نفس الحياة، حتى لو كانت في منتهى القسوة، خير لها من المجازفة والمخاطرة.

وهناك من ترى أنَّ الحياة الصعبة والمتعبة التي تعاني منها تحقق لها إشباعًا في جوانب أساسيَّة وحيويَّة ومهمة بالنسبة لها، فمادامت الحياة مستمرة فلتستمر بها كما هي؛ لأنَّها تظن في أعماقها أنَّ الظروف لن تتبدل ولن تتغير، ولن يكون هناك الأفضل، ولا داعي لخوض تجربة جديدة؛ لأنَّها غالبًا ستفشل؛ لأنَّها لن تنجح فيها، وهناك من تتكيف مع حالتها ويمنحها الله سبحانه وتعالى القدرة على التحمل في ظروف صعبة، والاستمرار في محاولة بذل المجهود للتغيير من الطرف الآخر، وهناك من تتحمل بسبب الأبناء؛ لكي ينشأوا ما بين الأم والأب، حتى لو باعدت بينها وبين زوجها الأميال الحسيَّة والعاطفيَّة والمعنويَّة لقسوته وبرودة مشاعره، وحتى لو عاشت منفصلة عنه روحًا وجسدًا، المهم أن تعيش كأسرة واحدة؛ للمحافظة على الشكل الاجتماعي والعائلي أمام أبنائها.

وهناك من ترى أنَّ الوقت قد فات للطلاق، ولا مجال لتبدأ بداية جديدة مع عدم وجود حد أدنى لضمان النجاح، فالبداية الجديدة دومًا تحتاج إلى قوة نفسيَّة وجسديَّة، وهناك من تتخذ أصعب قرار في حياتها وتطلب الطلاق، وتقرر أن تبدأ من جديد، فليس لديها أي استعداد بأن تتحمل تجربتها الفاشلة حتى تنتهي الحياة، فهي لن تعيش سوى مرة واحدة؛ لذا يجب أن تعيشها كما ينبغي.

أنين المعاناة

هناك من لا يستطيع أن يعيش وحيدًا من دون شريك ولا ونيس، فهو يحتاج لشخص قريب منه يتحدث معه، ولا يتحمل نظرة المجتمع له بأنَّه مطلق، ولا يستطيع أن يحيا من دون عاطفة، وقد تسوء حياته من دون زواج، وهناك بعض من الناس من تتوافق شخصياتهم ويستطيع العيش وحيدًا، ويواجه الحياة بمفرده، ولا يهتم بنظرة المجتمع من حوله، ويتكيف مع شكل الحياة الجديدة، وقادر على الحياة من دون عاطفة.