لا تنتظـِر المُقـابل

سلمى الجابري

علاقتنا تجاه الآخرين لا تنتظر منا المقابل، خذها قاعدة، من سيحبك سيحبك بدون مقابل، سيعطيك الدعم والحب، وسيكون خلفك. وهو أيضاً من سيمد لك يده؛ للنهوض من جديد إن سقطت يوماً، وهو من سيصفق لإنجازاتك، ولن يتملكه الحسد من نجاحك.

لا شيء يفعل كل ذلك كالصداقة.

في الصداقة: لا يمكننا الاختباء أو الكذب كثيراً، فالأصدقاء الحقيقيون هم من يُجيدون قراءة ملامح الحزن، الضعف، الألم، الفرح، وحتى الحُب على وجوهِنا.

هم من يتأثرون بنا ونتأثر نحنُ بهم، نتقاسم كل شيء حتى الخسائر والمخاطر، نصبح مع الأيام كشخصٍ واحد.

فهم كالحاجز الذي يُبعد عنا الهموم والمشاكل ببساطة؛ لأننا بهم نُصبح أقوى. من الجميل أن نكوّن صداقات كثيرة، لكن ليست جميعها ستستمر معنا، وليست جميعها ناجحة، فقط هنالك القليل منها من ستسير وتركض بنا داخل عجلة الزمن باختلاف فصولها، سيكونون نحن لكن بأجساد مختلفة.

إن كان لديك صديق فلتحافظ عليه، وإن طرأ على تلك الصداقة أي شوائب أو اختل قوامها فلا تقلق، فقط لتكن أول من يبادر في إعادة الحياة لها، ولو عُدت إلى أقصى البداية فستعلم بأن صديقك يوماً ما كان هو المبادر، فلماذا لا تحاول أنت الآن ترميم ما يحتاج ترميمه؟  من الصعب جداً الآن أن تجد في حقبة المصالح التي نعيشها صديقاً يقبل بعيوبك جميعها قبل أي مميزات تتمتع بها شخصيتك، ومن الصعب أيضاً أن تنثر وتسقط جميع أوراقك وأسرارك لأي شخصٍ كان!

نصيحة لكل من لم يمتلك صديقاً يُشاركه بكاءه قبل فرحه، أرجوك لا تبحث عن صديق؛ لأنك ستخطئ في الاختيار، دع الأيام تُريك من هو صديقك الوفي.

لأننا في زمن الأقنعة، والجميع هنا يرتدون ثوب الصداقة والتضحية، وفي الحقيقة هم أول من سيدفعونكَ للهاوية، وهم من سيثرثرون عليك عندما تدير لهم ظهرك، وهم أيضاً من سيجعلونك مُحطماً مُلقى بطريق الخذلان.

إن نمط اختيارك يعكس شخصيتك تماماً، فالأصدقاء دوماً مرآتنا، والعين التي تعكس صورتنا للجميع، إذن فلتحسن اختيار من سيصبح أنت باسم الصداقة

قُل هذه العبارة لصديقك، وأخبره بأنك أنت من كتبها لأجله، ولا تخبره عن اسمي:

«أنت نبض الصداقة في أوردتي، أنت من يدفعني للأمام دوماً بكلمة، بنصيحة، بثرثرة وفلسفة طويلة حتى أقتنع، أنت أنا في وجودي وفي غيابي، أنت بجواري دائماً في الفرح، الحزن، المصائب والغياب. أنت من يطرق باب عُزلتي باهتمام ليُـخرجني من هالة الوحدة بحُب.

صديقي: ممتنٌ لوجودك بجواري، وأعتذر لك إن جعلتُك يوماً مُستاءً مني، فقط كُن صديقي كما عهدت