ليس لأنها جميلة..!!

مبارك الشعلان
تعرض في متحف بإسطنبول لوحة قديمة، تعود إلى أكثر من 4 آلاف سنة، كأقدم رسالة حب في التاريخ، والرسالة تعود إلى العهد السومري. وظلت هذه الرسالة لفترة طويلة منسية في زاوية في جناح الشرق القديم، في المتحف، إلى أن بادرت شركة بإبرازها في إطار حملة للترويج ليوم الحب! ويقول المؤرخون إن هذه الرسالة تتضمن شعراً غرامياً، كتبته امرأة إلى ملك تقول فيها: العزيز إلى قلبي.. كم هو جذاب جمالك. وكم أنت جميل.. وحلو. هذه الرسالة التاريخية تعطينا درساً مجانياً في أكثر من اتجاه؛ فهي تعلمنا أن الحب لغة إنسانية منذ الأزل، كما تعلمنا أن الحب هذه الأيام أصبح مكانه في المتاحف، لا يخرج منها إلا للترويج لبضاعة الحب، مثل الترويج لأي بضاعة في نهاية موسم الأوكازيون. والأهم من كل هذا، تعلمنا أن المرأة هي التي كانت «تتغزل» بالرجل، وتقول فيه القصائد، وليس مثل «امرأة» هذه الأيام، التي تطلب من الرجل أن «يتغزل» بها! فالمرأة في العهد القديم كانت «تكدح» من أجل حب الرجل. أما في العهد الجديد فالرجل «تكدح» طوال عمره لكي يقنع المرأة بحبه لها. لذلك خصص يوماً قومياً للحب؛ لكي يعبر لها عن حبه، وإثبات ولائه! إلا أن ولاءه مشكوك فيه، إلى أن يثبت العكس. وهذا العكس لن يثبت؛ لأن المرأة طوال عمرها تبقى لديها «ضرَّة وهمية»؛ تمثل حب الصبا، ومرابع العشق الأول، الذي يبقى مهما نقل الرجل حيث شاء من الهوى؛ لأن الحب يبقى للحبيب الأول، أو الحبيبة «الأولى»، حتى إن لم تكن هناك حبيبة «أولى»، مع أن هذه الحبيبة هي أجمل الحبيبات، ليس لأنها جميلة.. ولكن لأن المحب كان جميلاً بحبه الذي هو من نوع الحب الضائع، وأجمل أنواع الحب هو الحب الضائع. وكما يقول نجيب محفوظ، أن أجمل عبارات المحبة التي سمعها وقرأها أو قيلت على لسان أبطالها تجسدت عنده في رواية الحب الضائع، لعميد الأدب العربي طه حسين، وقدمها سينمائياً رشدي أباظة وسعاد حسني. وهذا ليس إحساس نجيب محفوظ وحده، فهذا الفيلم كان إحساساً حقيقياً بجمال الحب الضائع، وكان من المفروض أن تكتب في مقدمة الفيلم عبارة «هذا الفيلم إحساس حقيقي». مثلما تكتب في مقدمة بعض الأفلام «قصة حقيقية». فالحب الضائع هو الذي صنع أجمل ملحمة حب للشاعر التركي الكبير ناظم حكمت، وزوجته التي كان يحبها إلى درجة العشق، إلا أنه مع كل هذا الحب.. طلَّقها بناءً على رغبة مشتركة؛ لأنه أراد لحبه أن يستمر جميلاً، لا تعكره التفاصيل الصغيرة والكبيرة في الحياة الزوجية، فقرر الانفصال؛ حفاظاً على الحب الضائع. وكتب فيها أجمل قصائده شعراً وحباً وعشقاً. فكان يقول: من يدري يا حبيبتي.. ربما لم نكن لنحب بعضنا هذا الحب.. لو لم تكن روحانا تريان بعضهما بعضاً.. من كل هذا البعد..! شعلانيات: | أسوأ ما في النقاش «الخناقشة».. وأسوأ منها الأفكار المسبقة عن الآخرين! | الصمت أفضل من الكلام أحياناً.. والصمت أفضل كلام أحياناً كثيرة! | لا يمكنك أن تتحكم بطول حياتك أو قصرها.. ولكن يمكنك أن تتحكم في عمقها!