يا له من يوم

أميمة عبد العزيز زاهد
يا إلهي، هل أصبحت العلاقات الإنسانية بهذه البشاعة! فالانتقام والحقد والحسد والغيرة والثأر... كلها صور مفزعة، تطاردنا، ونحاول أن نهرب منها في هذا الزمن، ولكن تأبي إلا أن تلاحقنا، فتقتحم علينا بيوتنا، ومكاتبنا، تقتحم علينا حتى صمتنا عنوة وقسراً وقهراً، ولكن هل تنتصر الحياة مع إرادة الشر! والواقع يقول إن هناك ظالماً ومظلوماً، غالباً ومغلوباً، منتصراً ومهزوماً.. فلماذا ندفع راحتنا دفعاً نحو الهاوية، ونعيش اليأس والقلق مع مشاكل بلا أسباب واقعية، فهناك من يتفنن ليصنع الموقف المناسب للإضرار والإساءة والتدمير، ويحسب كل خطوة نخطوها بدون فهم أو إدراك أو استفسار، وبالتالي يحكم علينا بدون إنصاف أو وجه حق، فكل ما نفعله ونقوله ونفكر به يحكم عليه بالخطأ، أما الصواب والمنطق والحق يصدر فقط من الأقوياء، فلا مكان للضعفاء والمطحونين والمخلصين والصادقين على خريطة العالم. ماذا أصاب الناس؟ ولما يعيش البعض منهم وهو يحب الخير لذاته، ويكرهه للآخرين، ويبعد الشر عن نفسه وينسبه لغيره؟ ولماذا هناك من يسعى لتحطيم الناجحين، ويكتئب لسعادتهم ويفرح لفشلهم؟ أسلوبهم الثورة والهجوم أحياناً، والغدر والخيانة والطعن وليُّ الذراع أحياناً أخرى! عينه لا تتوانى عن سلك كل الطرق الملتوية، عينه تتلون كالأفعى التي تبث سمومها القاتلة في كل اتجاه، فهي تملك من الأسلحة ما يساعدها على تحقيق مآربها، ألا تتعظ من قدرة الله أم أنها تجهل بأن يومها قريب؛ لأنها حتماً ستموت من سمها، أو أن هناك من سيأتي ليفترسها، أو يسحب السم من جوفها، فلا يبقى لها إلا شكلها اللامع ناعم الملمس، ولكن بلا فائدة؟! وحتى يستقيم الميزان ويعتدل من جديد، وحتى ذلك الوقت سيظل الظالم يتمادى في غيه وظلمه، ويبقى المظلوم يئن لحاله ويرثي لوضعه، سيظل الظالم يصدر القرارات ويحكم كيفما شاء، هو أو غيره ممن يعتقدون بأنهم الأصلح والأتقى، ودون اعتبار للمحكوم عليه ظلماً وإجحافاً، ودون أن نمنحه الفرصة لنسمع منه كلمة عن معاناته وشعوره بالقهر، ودون أن يجد من ينصفه، وعن من كتم الحق لصالحه وخاف على نفسه من أن يكشفه ويستجير على كل من تمادى بظلمه، ولكن لا ظالم بخير؛ لأن الظلم آخره الندم. علينا أن نثق بأن الله سيظهر الحق مهما تكلم الشامتون، ومهما اغتاظ الحاسدون، ومهما ظلم الظالمون، ومهما كذب الكاذبون ممن يدعون الصدق والنزاهة أمام الآخرين، ويقومون بالطعن في الظهر، وسيهب الله للمظلوم القوة التي لا يشعر بها الظالم، فنحن بشر ولا نملك أقدارنا، ولا أعمارنا، ولا أرزاقنا، ولا سعادتنا، وشقاءنا، ولكن هناك رباً مطلعاً عليماً، أنصف عباده المظلومين في يوم الحساب العظيم، يوم تهتك فيه الأستار وترفع الحجب، وتفضح الأسرار، يوم رد المظالم لأصحابها، والذي بعفوه يغفر للناس أجمعين ما ارتكبوه من ذنوب إلا المظالم، تركها للمظلوم يقتص ممن ظلمه، ويا له من يوم