زي الخادمة والسائق ضرورة.. أم وجاهة اجتماعية؟

9 صور

قلما يوجد بيت في السعودية من دون خادمة وسائق أو أكثر، فالمجتمع الخليجي عامة، والسعودي بشكل خاص، من أكثر المجتمعات اعتماداً على العمالة الوافدة من الخادمات والسائقين في إدارة المنزل وقضاء حاجياته، وإن كنا في هذا التحقيق لسنا بصدد التحدث عن الخادمات والسائقين كظاهرة، رغم تجدد مشاكلهم الكثيرة في الفترة الأخيرة مع حملة تصحيح الأوضاع في المملكة، لكننا سنسلط الضوء على أمر مرتبط بهذه الفئة، لا يعدّ بسيطاً في نظر الكثير من النساء السعوديات، وتجددت المطالبة به الآن، وهو زي الخادمة والسائق، ومظهرهما الذي يظهران به أثناء تأدية عملهما اليومي.

لقد بات لباس الخادمات الموحد؛ أمراً هاماً وأساسياً وحتمياً لدى العديد من الأسر، والاهتمام به واحد وإن تعددت الأسباب وراءه، فبعض النساء يعتبرن الخادمة أحد أهم الأخطار التي قد تهدد حياتهن الزوجية، لذا تسعى المرأة لدرء هذا الخطر عن طريق حجب الخادمة داخل ثياب بالية فضفاضة، بينما تجد أخريات أنّ ملبس الخادمة هو واجهة اجتماعية لا ينبغي إغفالها، في حين ترى مجموعة أخرى أنّ عادات وتقاليد المجتمع يجب أن تُفرض على الخادمة في لباسها أياً كانت جنسيتها ودينها، أما ملبس السائق؛ فتنظر إليه معظم النساء على أنه من باب الوجاهة الاجتماعية.
«سيِّدتي» في هذا التحقيق، تستطلع آراء النساء السعوديات والأزواج؛ للتعرف إلى مختلف الآراء حول هذا الموضوع.

موحد بدل الفاقع
بداية تقول جيهان عشماوي «مقدمة برنامج أنت بخير»: «بالنسبة لزي الخادمة، أرى أنه أمر منظم ومرتب حين ترى العاملة في زي موحد؛ خصوصاً إن كانت هناك أكثر من واحدة بالمنزل أو تكون جديدة، وقد أصبح من الملاحظ في المناسبات داخل المنازل ارتداء العاملات الزي الموحد، الذي قد يحقق لربات البيوت الوجاهة الاجتماعية».
وبسؤالها عن الخوف من إغراء الزوج، تقول: «الزوج الذي لا يخاف الله؛ لا يهمه أمر ملابس مغرية وغيرها».
وحول السائق، تقول جيهان: «أما السائق حقيقة إذا كان غير سعودي وتفرض عليه العائلة الزي السعودي، فأعتقد أنه أمر ليس له داعٍ، ويكفي أن يرتدي زياً رسمياً».

لها جانب إنساني كريم
المهندس فهد عبيد؛ يرى أن زي الخادمات والسائقين يختلف من عائلة لأخرى؛ اعتماداً على الثقافة التي تملكها العائلة، حيث يقول: «بعض العائلات الغنية تتخذ الزي لإظهار رفعتهم ومكانتهم في المجتمع، على عكس عائلات أخرى لا تهتم بالشكل؛ بل تهتم بأن يكون اللبس محتشماً للخادمة والخادم، فما يهم أغلب العائلات أن يكون اللبس محتشماً ونظيفاً، وهذا الأفضل».

النظافة والترتيب الأهم
وتخبرنا المهندسة نهلة مجلد، عن تجربتها مع خادمتها وسائقها وأزيائهم، قائلة: «أنا مع ارتداء خادمتي اللبس الموحد؛ عوضاً عن اللبس العشوائي، وفي الوقت نفسه لا أرى عيباً في أي لباس ترتديه الخادمة، بما أنه زي مرتب ونظيف ومنسق».
وعن السائق، تقول: «أما عن تحكمي في لبس السائق، فلا أتدخل مطلقاً، غير أن يكون لبسه مرتباً ونظيفاً فقط».

غيرة نساء وعرض
ويخبرنا المرشد الطلابي، محمد الربعي عن رأيه؛ قائلاً: «من الطبيعي كون المجتمع السعودي مجتمعاً محافظاً أن تكون فئة الخادمات المنزليات فئة يقع حولها الكثير من الجدل، من حيث حشمتهن وسترهن، فغيرة الزوجات تتأجج وتثور في أي لحظة تشعر فيها بخطر يقترب من علاقتها بزوجها، فما بالنا بامرأة غريبة تقطن منزلها، وتخالط زوجها في أغلب أوقات وجوده في المنزل، وهذه المرأة قد تكون فتاة يافعة في مقتبل العمر، وبالتالي فإن المرأة ستبدأ في الغيرة من هذه الخادمة، وتبدأ بمطالبتها بارتداء الملابس الفضفاضة والحجاب، وقد تشعر الخادمة بالضيق؛ لأنها تبقى طوال النهار كادحة بهذا الزي، وترى سيدتها ترفل في ملابسها المنزلية المريحة».
ويرى الربعي؛ سبباً آخر، وإن كان بنسبة قليلة، وهو أن بعض ربات البيوت من الفئة الثرية يزيد اهتمامهن بالمظهر العام الذي يتلاءم مع الحياة الفخمة التي يعشنها». أما عن زي السائق الموحد؛ فيؤيد الأمر.

منظور تاريخي
تقول الإعلامية، جواهر لافي «معدة برامج ومذيعة في التلفزيون السعودي»: «هناك من يرى بأنه من الواجب أن يضع زياً لخادمته؛ حتى يميز من يزوره بأنها خادمة.
وبخصوص الغيرة على الزوج؛ فتأتي من باب الحرص لدى النساء على أزواجهن؛ لأن بعض الخادمات يعتقدن أن البيت الذي يعملن به؛ يستطعن فيه لبس ما يردن، وربما تتمادى الخادمة في زيها، لذلك يرى البعض أن توحيد الزي للخادمات؛ نوع من المحافظة على الأسرة، وخاصة على الرجال؛ لأن في توحيده إلزام الخادمة على اللباس الفضفاض والطويل، والبعض الآخر يراه دعوة لعدم التمييز بين الخادمات».
أما بالنسبة لزي السائق الموحد، فتقول: «أمر مضحك أن تدعو بعض النساء سائقها إلى ارتداء الثوب السعودي، وأعتقد أنها ليست ظاهرة كما الأمر في زي الخادمات مؤخراً».

آراء الخادمات والسائقين
سألنا بعض الخادمات والسائقين عن رأيهم بالموضوع، وعن الزي المفضل لديهم، وما إذا كانوا يفضلون أو يتقبلون تدخل ربة المنزل في اختيار أزيائهم أم لا، وكانت ردودهم كالآتي:
قالت ماري «إحدى الخادمات العاملات في الرياض»: «كان الزي أحد الأسباب الرئيسة التي جعلتني أترك المنزل الذي كنت أعمل فيه، فربة هذا البيت كانت تتصرف بغرابة، وتتدخل في ملبسي كثيراً؛ غيرة على زوجها مني، التصرف الذي لا أجد له مبرراً، لذا فقد كانت تطلب مني أن أرتدي الجلباب الطويل أثناء العمل، وهذا الأمر لا يناسب طبيعة عملي، الذي يتطلب مني الكثير من التنقل والحركة، ما جعلني أترك العمل لديهم، وأختار أسرة ثانية تترك لي حرية اختيار الملبس المناسب لعملي».

ورأى نيهال «أحد السائقين»، أن فكرة ارتدائه للثوب السعودي يعدّها مستبعدة نهائياً، فالأسرة التي يعمل لديها لم تطلب منه أمراً كهذا، ولم تلزمه بأي زي موحد، ويقول: «ينصب الاهتمام الأكبر حول معرفتي للطرقات، والتزامي بالمواعيد، وسرعة الاستجابة للطلبات».

الرأي الاجتماعي
يخبرنا الأخصائي الاجتماعي، عامر الأسمري عن رأيه، قائلاً: «زي الخادمات الموحد فكرة موجودة في بعض المجتمعات الخليجية والمجتمع السعودي، فهو يعبر عن اهتمام وترتيب أهل البيت بشكل عام، وسيدة البيت بشكل خاص، والمصيبة أننا نهتم بالشكل ونغفل المضمون، فالأصل في لبس وزي الخادمة هو الستر وعدم التعري؛ حتى لا تتعرض للتحرش أو المضايقة، ومن المضمون المحافظة على الخادمات من الإهانة والاستحقار».