خاطرة: ثقتك حب جارف ينشيني فكيف أغار؟

إنه شعور لا يكبح، نار مشتعلة تجرحنا نحن ومن تشتعل قلوبنا لأجلهم، تدفعنا بجنون لأن نتحول إلى ما هو أشبه بالعدو لمن تجري محبتهم في عروقنا، نندفع، نخطئ، والأسوأ لا نحمل هَمَّ الاعتذار؛ باسم الحق المشروع بأنهم من نحب.
ولو عدنا لأنفسنا لأدركنا بأن المحبة أعمق من تلك السطحية التي نتعامل بها، حتى أن البعض منا أصبح يرى نقطة الضعف تلك دليلاً على حب جارف، ولم يدرك بأنها جرف يهوي بثقتنا ببعضنا للحضيض، فالبعض لا يرى الأمر نقصاً، بل رجولة، والبعض يراه دليلاً على الاهتمام والحب، لكنك تدركه لأنك مختلف عن هؤلاء الذين يشبعون ثغور أنفسهم بأكوام من الأسئلة (لما، وأين، ومتى)، ثم ينهون تحقيقاتهم المتجبرة بإشارة اتهام من المفترض أن تلتف لتشير إليهم وإلى أفعالهم الصبيانية.


في كل لحظة كنت تدفعني فيها لأتخذ قراري بنفسي بدلاً من تمثيل دور المستشـار الحاكم باسم (ولي الأمر)، كنت تدفعني لأنضج، بينما تضمحل غيري خلف قوائم وأعمدة لم توجد لتسند، وتتصرف وكأنها تخفي أمراً مريباً، ربما كان في نظرهم وحشاً، يخشون أن يقضي عليهم خروجه، أو ربما رأوه أقل من ذلك بكثير، رأوه كائناً أضعف من أن يخرج؛ لأنه ببساطة سيسحق!


في كل لحظة كنت تدفعني لأعبر فيها عن نفسي بدلاً من نقل الرسائل عني باسم (القائد)، كنت تدفعني لقيادة دفة حياتي بثقة، بينما توكل غيري دفتها إلى قبطان يغرق بها في وسط المحيط، وأولئك يظنون أن أصواتهم العالية دليلٌ على علمهم وزعامتهم، وأن من يحملونهم على متن سفنهم ليسوا إلا ركاباً مشبوهين، أشخاصاً ينبغي ألا يكونوا مرئيين، فهم بكل بساطة كائنات لا تملك فكراً أو صوتاً، ولا يحق لها التعبير!
في كل لحظة كنت تسير بي في الساحات مشاوراً وفخوراً، كنت تشعرني كم أنا قديرة، كنت تنمي بي تقديراً وشموخاً، بينما غيرك يتحرى الظلام الدامس والأزقة الضيقة الخالية، وكأنه سرق شيئاً، فيسير ممسكاً بيد دميته التي برأيه لا تفقه، وربما لو أهملها للحظة لسارت مع غيره ظناً منها أنه هو، فهي لا تمتلك عقلاً، وبكماء!


لطالما تساءلوا لما أنت؟ ما الذي جعلني أتمسك بك؟ بينما سواك في أعينهم الضحلة أكثر رقياً ووسامة وغنىً وشاعرية ومراكز اجتماعية.
لما كنت الشخص المختلف؟؟ بكل بساطة لم تكن متخلفاً، تستخدم مسمى ابتكروه لدس أفكارهم وإخفاء ثقتهم المهزوزة بأنفسهم، إنه الشك الملقب بالغيرة، والذي تحول مع الوقت من فعل مشين ومنكر إلى رمز يُقصى وينكر.
فلما ستغار مادمت في عينيك جليلة، ولما سأغار مادمت في عيني نبيلاً؟