كعك وملابس جديدة، وأحاديث ليلة العيد..

6 صور

ليس للمناسبات طعم بدون تلك الطقوس الخاصة التي نرتبط، بها وتمتد في جذور ذاكرتنا إلى سنوات بعيدة، قد ترتبط ذاكرتنا بذاكرة الأجداد، خاصة تلك المناسبات التي تحتفي بالفرح، مثل ليلة العيد؛ فتفوح من صدى ذكرها روائح الحمامات القديمة، وضحكات النسوة المشغولة برائحة الكعك وأحاديثه، مع ضجيج الأسواق وازدحامها المحبب؛ لتنهي دورتها في سهرة عائلية جميلة تطربها أصوات تكبيرات العيد... فتوقظ الطفولة في كل قلب جلس؛ ليستحضر تفاصيل الفرحة.

سهرة منزلية
تنهي هدى بلقاس «ربة منزل»، معظم واجباتها الخاصة بالمنزل قبل ليلة العيد؛ لأن هذه الليلة مخصصة لاعتناء المرأة بنفسها؛ لتجدد كل شيء فيها، وتقول: بعد أن أعود من الصالون وقد أنهيت الحمام المغربي ونقش الحناء، أعود إلى البيت لأستمتع بالسهرة مع زوجي وأولادي باسترجاع ذكريات العيد والتخطيط لليوم التالي، ويعتبر العيد رمزاً للتجدد والصفاء، ولهذا اقترنت طقوس العيد بتجديد الكثير من الأشياء التي طالما خططنا لتجديدها من قبل، وتضيف لطيفة «موظفة في محل مبيعات»، أنها يجب أن تشعر بأن كل شيء حولها مختلف في العيد، وأنها لا يمكن أن ترتدي أي قطعة ملابس قديمة بعد حمام العيد؛ فهذه الليلة رمز للتجديد، وتقول: في كل مرة أفك فيها بيجامة العيد الجديدة، أتذكر لهفة طفولتي لهذه الليلة، وما لهذه المشاعر من خصوصية بداخلي.

ذكريات الطفولة
من الصعب أن تخلو السهرة في ليلة العيد من حديث الذكريات وأيام الطفولة حسب قمر رضوان «مدرسة لغة عربية»؛ فهي تفضل السهر ليلة العيد مع زوجها وأقاربها، وتبادل الأحاديث حتى الفجر؛ لتسترجع بهجة تكبيرات العيد؛ مؤكدة أن تلك اللحظات تعيد إليها صورة جمالية رائعة من طفولتها المدللة في مدينتها؛ حيث كان للعيد تفاصيل كثيرة، أجملها تكبيرات صلاة العيد، وزيارات الأهل والأقارب والأصدقاء للمعايدة، والتي تمتد قرابة الشهر بعد العيد.

تبادل الأحاديث
للحرمان طعم مختلف بنظر محمد حلمي «مهندس»؛ فقد كانت الحياة التجارية تتوقف تقريباً في العيد والناس تقدس عطلة العيد، ولهذا كان الناس يقبلون على الأسواق وعلى مختلف مناشط الحياة ليلة العيد بشكل منقطع النظير، ولعل محل الحلاق يعتبر من الأماكن الأكثر ازدحاماً في هذه الليلة، لهذا أعتبر أن انتظار الدور وتبادل الأحاديث مع شبان الحي عند الحلاق، من أجمل ذكرياتي عن العيد، ولهذا لا يمكن أن أتخلى عن هذه العادة، وعن زيارة الحلاق ليلة العيد، ويؤكد أنه يشعر بالمتعة حقاً عندما يجد المحل مزدحماً؛ لأن هذا الازدحام يعيد إليه لحظات البهجة التي كان يعيشها في طفولته.

مهلبية الصباح
ولكلٍ طقوسه الخاصة التي يحرص عليها في المناسبات الجميلة، كما تحرص ياسمين كدرو «ربة منزل» على إعداد أطباق المهلبية في الليل؛ لتتناولها في الصباح مع زوجها كما كانت تفعل والدتها، وتقول: كانت أمي تحرص على أن نتناول الأشياء الخفيفة في اليوم الأول من العيد؛ حتى لا نفاجئ المعدة المعتادة على الصيام طيلة شهر رمضان بتناول الأشكال المنوعة من الطعام في صباح العيد، لهذا كانت تناولنا أطباق المهلبية الباردة والمزينة بالفستق الحلبي قبل أن نتناول قهوة الصباح؛ حتى لا نسارع إلى تناول الحلويات أو غيرها من أنواع وأشكال الضيافة المنوعة والكثيرة استعداداً لاستقبال الضيوف.

ولع التسوق
يبقى لمحبي التسوق شغف بازدحام الأسواق ليلة العيد؛ فلا يمكن أن تعود غالية حافظ «ربة منزل» من السوق قبل أن تتأكد أنها انتهت تماماً من شراء كل حاجياتها، وتفحصت كل المحلات؛ حتى تتأكد أنها اشترت الأفضل، وتقول: هذه العادة قديمة لديّ، فأحياناً أتذرع بشراء أشياء بسيطة جداً؛ حتى أمام نفسي لأذهب إلى السوق؛ خاصة ليلة العيد؛ لكي أستمتع بازدحام ليلة العيد وبهجتها.

ضيافة العيد
مثلها علي بارودا «صاحب محل» يحب أن يشتري حلوى العيد بأنواعها المختلفة ليلة العيد، كما كان أبوه يفعل في السابق، ويقول: كان عددنا كبيراً في المنزل، ولهذا كانت أمي تجد صعوبة في الاحتفاظ بكمية كافية من حلوى العيد عندما يحضرها أبي قبل ليلة العيد بأيام، وأذكر ذات مرة أن كل الشوكولا التي أحضرها؛ لنقدمها للضيوف مع القهوة قد انتهت عند ظهر اليوم الثاني من العيد؛ لأن كل واحد منا كان يأخذ كمية كبيرة في جيبه ويخرج ليطعم أصدقاءه منها، والمشكلة كانت أن المحال التجارية تقفل أبوابها أيام العيد؛ فكان الموقف محرجاً أمام الضيوف والمعايدين؛ لأن ضيافة العيد والحلويات التي تقدم للضيوف تعتبر من الطقوس والعادات الهامة في حيّنا.

كعك العيد
ولأن العيد لا يكتمل إلا بكعك العيد الذي كانت النسوة تجتمع لتحضيره بأنواعه المختلفة، وبكميات كبيرة، أحبت عبير عاكف «موظفة حكومية» أن تستغل فرصة وجود والدتها في ضيافتها برفقة أختها لتحيي ليلة العيد بتحضير الأنواع المختلفة من حلوى كعك العيد، التي تعتبر من الرموز الأساسية للعيد في الكثير من البلدان العربية، وتقول: لم يعد هناك شيء غير متوفر في الإمارات؛ فكعك العيد والمعمول والأنواع الأخرى متوفرة وتحضر بطريقة رائعة، لكن بهجة العيد ارتبطت لديّ منذ الصغر بهذا الجو التقليدي الجميل الذي تجتمع فيه نساء العائلة؛ ليتبادلن الأحاديث والضحكات، وهن يحضرن كعك العيد في المنزل.