لأهمية فترة الحضانة ودورها الكبير والهام في نشأة الطفل؛ نتحدث من خلال السطور التالية عن تلك الأهمية، ودور الأم في تمهيد نفسية الطفل لهذه المرحلة، ومساوئها التي يجب أن تنتبه لها الأم، كذلك كيفية كسر الخوف لدى الطفل من هذه المرحلة؛ حتى تمر على كل من الأم والطفل بكل يسر وسهولة...
بداية تقول الاختصاصية الاجتماعية والنفسية نجلاء الفهد، ماجستير في الصحة النفسية ومستشارة التدريب والتطوير: «فترة الحضانة تعتبر فترة هامة جداً في حياة الطفل والأم، فهي تقلل عبء ودور الأم في المنزل مع طفلها، بالإضافة إلى أهميتها في اندماج الطفل بالحياة الاجتماعية العامة مع غيره من الأطفال، فهي تعتبر بمثابة أول مرحلة وخطوة له في مواجهة الحياة، والتعامل مع الناس بمفرده دون وجود والديه بجانبه، مما يزيد اعتماده على نفسه بصورة أكبر، وتكون بداية لتشكيل شخصيته واكتساب معارف وعادات جديدة وإيجابية، من ضمنها المسؤولية وحب الأصدقاء، وكيفية التعامل مع الغير والانتظام اليومي، مما يجعله يتفاعل اجتماعياً مع غيره، ويخرج من الأسرة الضيقة إلى مساحة أوسع تتمثل في التعامل الخارجي».
للأم الدور الأكبر
عند بلوغ الأطفال سن الحضانة أو المدرسة التمهيدية يكون الآباء والأمهات في حالة من القلق والتوتر؛ تخوفاً من رد فعل الطفل، خصوصاً في الفترات الأولى من ذهابه إليها، فتشعر الأم بالضيق؛ بسبب خوف الطفل من ابتعاده عنها بعض الوقت للمرة الأولى منذ ولادته، فتشعر ببكائه المستمر، والذي يكون بسبب الخوف من المجهول والرعب من الأطفال والمجتمع حوله؛ لذلك تمتلئ الحضانات ورياض الأطفال بالصراخ والبكاء، خصوصاً في الأسبوع الأول، حيث إن الطفل لا يدرك التوقيت الزمني، ولا يدرك أن أمه ستعود قريباً، فغيابها عن عينيه يمثل له معنى الضياع، وتضيف الاختصاصية نجلاء الفهد: «يجب أن تتفهم الأم، خصوصاً مع ذهاب طفلها الأول إلى الحضانة، والتي غالباً ما تكون متعلقة به لدرجة الخوف الوسواسي، أنها مرحلة عابرة مدتها أسبوع، وسرعان ما سينتهي قلق وبكاء الطفل، وسيألف المكان، ويندمج في ممارسة نشاطات الحضانة المختلفة، كما يجب أن تكون الأم صبورة، ولا تظهر قلقها للطفل، وألا تستسلم لرغبته في عدم الذهاب؛ لأنها للأسف تعطيه إشارة بأن البكاء والصراخ سيكونان أداة ضغط قوية على مشاعر الأم؛ لتحقيق ما يريد».
السن المناسبة
تشير الاختصاصية نجلاء إلى أنه ليس هناك سن محدد لالتحاق الأطفال بالحضانة، فهذا يختلف من طفل إلى آخر، لكن السن الطبيعي يبدأ من 3 سنوات، حيث يستطيع الطفل التفاهم بشكل جيد مع من حوله من المعلمات والأطفال، ويستطيع التعبير عن احتياجاته وطلباته، وتستطيع الأم التفاهم معه بشكل جيد عما يحدث خلال وجوده هناك.
وعدد الساعات المحبذ أن يقضيها في الحضانة يعود إلى طبيعة الحضانة ذاتها، وإلى طبيعة شخصيته، فقد تكون الحضانة جذابة، ويستفيد منها أكثر من البيت، وهنا فمن الأفضل أن تحاول الأم تركه لمدة أطول في الحضانة إن استجاب لذلك، لكن من الأنسب أن يتراوح وجوده بها بين 6 - 8 ساعات يومياً.
- مساوئ الحضانة
أوضحت نجلاء أن الحضانة يجب أن تكون مؤهلة لرعاية الأطفال من حيث النظافة العامة والقدرة على رعاية النظافة الشخصية للأطفال، وأن تتمتع بمكان صحي وآمن للأطفال، بمعنى ألا يكون المكان ملوثاً بأي شيء، ولابد أن تكون جيدة التهوية، وإذا وجدت شرفات بالحضانة فلابد أن تكون مؤمنة أيضاً بأسوار مرتفعة؛ حرصاً على حياة الطفل، كذلك يجب أن تكون سعة الحضانة متناسبة مع عدد الأطفال؛ لكي يتمكنوا من الحركة والحرية، ولابد أن يتم التحقق من وجود طبيبة في الحضانة، وذلك لرعايتهم إن تعرض أحدهم لارتفاع درجة الحرارة أو لأي جرح، وأن يكنَّ ممرضات أو طبيبات متخصصات.
- كيف تكسرين رهبة الخوف لديه؟
تقول نجلاء الفهد: «على الأم أن تهتم بالطفل عندما يعود من الحضانة، وأن تستقبله بالأحضان، وأن توضح له أنها افتقدته، وأن تسأله كيف قضى يومه، وأن توضح انبهارها بسعادته في الحضانة وبالأنشطة التي مارسها، وأن تبين له مميزات الحضانة بأن هناك أطفالاً يحبهم ويحبونه، وهناك ألعاب كثيرة ليست موجودة في البيت، وإذا أصر على البكاء، وأوضح لها أنه يريدها معه، فعليها أن توضح له رغبتها بوجودها معه دائماً وفي كل الأوقات، لكن ذهابه إلى الحضانة أمر لا مفر منه، وأن كل الأطفال يذهبون إلى الحضانة، وأن إدارة الحضانة ترفض وجود الآباء والأمهات؛ لأنها مخصصة للأطفال فقط».