ثقافة نسائية بكبسة زر وأسلوب الطرق الخمس

13 صور

إذا انقطعت المرأة عن القراءة والاضطلاع على كل ما هو جديد، فأول ما يمكن ترديده، كيف ستربي هذه الأجيال؟ فهي متسمرة أمام الكمبيوتر في فترة عملها، وإذا ما انقطعت عنه فستعود إليه حتماً، شغلها الشاغل هي شبكة الإنترنت، التي تعدها كثيرات، لغة العصر، ومصدر ثقافتهن، فهل يمكن اعتبار قارئات متابعات المواقع الإلكترونية مثقفات، حتى لو لم يمسكن كتاباً؟


أجمعت الكثيرات ممن ضمهن هذا التحقيق على أنها «مثقفة أكثر منها قارئة»، وأغلبهن يملن لقراءة القصص والروايات، وصنوف الأدب المختلفة، فيما تعتمد أغلبهن في قراءاتهن على ما يقارب تخصصهن. أما الإنترنت فهو شغلهن الشاغلأ الذي يعتبرنه عالماً في شاشة مصغرة.
المرأة الإماراتية تسعى للثقافة بشكل عام، أما القراءة ففئات محددة منهن التي تقبل على الكتاب، وهو اعتراف من علياء أحمد بن عبيد المغني، تعمل بمؤسسة أبوظبي للإعلام، وقد لمست ذلك خلال عملها السابق بدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة وتضيف: «رغم احتواء الأجهزة الحديثة على إمكانات المتابعة والاطلاع إلا أن الكتاب له نكهة خاصة، أحرص على القراءة في المجالات التي تمس واقعنا الحياتي، حتى لو كانت قصة أو رواية تجذبني إلى جانب المتابعات اليومية من خلال الجرائد والمجلات الأسبوعية والشهرية».
وتشير المغني إلى أنه يكفي أن تطالع أغلفة الكتب، فالكتاب يقرأ من عنوانه، حجة علياء أننا في عصر متغير، والمعلومات فيه تكاد تكون متلاحقة ومتداخلة بشكل كبير، فكمية المعلومات التي نستقبلها في اليوم الواحد كنا نحصل عليها في شهور.

ضغطة زر
أما عزيزة حسن آل علي، موظفة بشركة اتصالات، فهي مقلة في القراءة، وكل معلوماتها تستقيها من الإنترنت، وإن أعجبها غلاف كتاب تكتفي فقط بقراءة صفحة أو اثنتين منه دون تعمق، فيكفيها نبذة عن الكتاب. وتُرجع عزيزة عزوف جيل اليوم عن القراءة إلى أن المعلومة صارت في متناول الجميع، فيكفيها ضغطة زر في أي محرك بحثي لتصلها كافة المعلومات المتعلقة بهذا الموضوع دون الدخول في مهاترات جدلية، حسب قولها، تضيع الوقت دون فائدة..
وتتذكر مها الهاشمي، موظفة بحكومة أبوظبي، إدمانها عندما كانت صغيرة على مجلات الأطفال والقصص البوليسية وألعاب الذكاء والمسابقات الثقافية، أما الآن بعد التطورات التي حصلت في عالم التكنولوجيا والعولمة تحولت من قراءة الكتب والمجلات إلى تصفح الإنترنت والهواتف الذكية، تعلّق: «تصلني المعلومات والأخبار مباشرة عبر المواقع الاجتماعية والإخبارية».

مثار للسخرية
«نحن أمة اقرأ ولكننا لا نقرأ»! بحسب كلام فاطمة حسن الغديري، ربة بيت ومدربة إسعافات أولية، وتحكي الغديري أنها حينما تخرج للتسوق مع بناتها يكون معها كتاب، فتجلس في أي مكان تقرأه، فيثير ذلك ضحك زميلات بناتها. تستدرك: «هذا يشير إلى أننا مقبلون على زمن سيختفي الكتاب الورقي نهائياً، ويصبح نوعاً من التراث أن ترى شخصاً يحمل كتاباً ورقياً، فالمعلومة الإلكترونية صارت هي الأكثر شيوعاً بين فئات الشباب المختلفة».
معلوماتنا أصبحت متزاحمة، وتصلنا حتى بدون قراءة، وهذا ما يحصل مع سارة المدني، مصممة أزياء ودارسة للإخراج السينمائي، وتضيف: «استقاء المعلومة من الكتاب أو الجلوس لساعات في القراءة لاستخلاصها، أمر مربك، فأنا لا أحب أسلوب الحشو في الكتابة والفلسفة في توصيل المعلومة التي يلجأ إليها بعض الكتاب».
وتصارحنا المدني بأن الكسل هو العامل الأول في عزوف الكثيرين عن القراءة واستسهال أخذ المعلومة بأي طريقة، فهي مثلاً لن تضيع وقتها في تناول قصة أو رواية أو حتى كتاب أكاديمي بحت، وتحب المعلومة السريعة المرتبة، مثل: لفعل كذا هناك 5 طرق، هي كذا وكذا، فقط شيء محدد ومفيد! وحتى هذه عن طريق الإنترنت!

من الجرائد
برزت المرأة الإماراتية كنموذج فريد من خلال مشاركتها الفعالة على جميع الأصعدة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتطوعية، فاستحقت ثقة الجميع، ولكن ضغوط العمل والبيت، برأي نورة الجسمي، موظفة بهيئة الطرق والمواصلات بدبي، تمثل حجر عثرةٍ أمام تفرغها للقراء والاطلاع، تعلّق: «يكفيني متابعة ما يجري من حولي من خلال الصحف أو الأجهزة الحديثة فلإنترنت هو ملاذي».
فيما لا تجد عائشة علي الكعبي، رئيسة قسم مراكز الأطفال بالإدارة العامة لمراكز الأطفال والفتيات بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، أن قلة المطالعة لدى المرأة في الإمارات بسبب عدم حبها للقراءة، ولكن بسبب الضغوط الحياتية وكثرة المسؤوليات على نطاق العمل والأسرة

تجد خولة إبراهيم المحرزي، مديرة المتحف البحري بالشارقة -سابقاً- أن المجتمع العربي، وخاصة الإماراتي، يكتفي بالصحف والمجلات، وصغاره باتوا يطالعون مواقع التواصل، وعلى رأسها تويتر.
المرأة برأي المحرزي، على عكس الآراء السابقة، عندها الوقت الكافي لتثبت نفسها في شتى المجالات، حتى في مجال البحث العلمي واستكمال الدراسات العليا، حيث نسبة الإناث تفوقت على الرجال.

«مشروع ثقافة بلا حدود»
من خلال تعامل راشد محمد الكوس، مدير مشروع ثقافة بلا حدود، مع الأسر الإماراتية لاحظ أن المرأة تحرص على القراءة بشكل كبير، واقتناء الكتب الورقية، وخاصة في مجال الشؤون الأسرية والأمور التاريخية، كما تسعى كثيرات منهن إلى اقتناء كتب عدة للأطفال؛ بغية أن تقرأ على صغارها قصصاً تعليمية وتثقيفية، ما يدلل على أنها قارئة جيدة، رغم انشغالاتها المهنية والحياتية، إلى جانب ثقافتها العامة التي تستقيها من روافد متعددة كالإنترنت والصحف والمجلات.