أبناء العولمة.. كيف نتعامل معهم؟ وماذا يطلبون؟

مع تغيُّر الحياة وأساليبها ونمطها، قد تختلف كثير من الموجهات وآلياتها، التي نتعامل بها مع أبنائنا، فجيل اليوم هو جيل تفتحت عيناه على العولمة والتقنية، وأصبح يتطلع إلى الحضارات المختلفة وأساليب عيشها، ويطالبنا بتحقيق رغباته ومتطلباته، فكيف نتعامل مع أبنائنا وأسلوب تفكيرهم من دون أن يشعروا بأننا ضيقنا الخناق عليهم أو مراقبتهم؟ وما الذي يطالب به أبناؤنا؛ حتى يرضوا عن معاملتنا لهم؟


«سيدتي» التقت عدداً من الآباء والأمهات والأبناء؛ ليطلعونا كيف هي طبيعة العلاقة التربوية بين الأطراف؟

تقول جميلة ربة منزل (32 عاماً): إنَّه يجب على الآباء أن يتحلوا بانفتاح أكثر؛ لأنَّ جيل العولمة الحديثة جيل خطير وعنيد، ولابد من اتباع الأساليب السلسة معهم، والتقرب إليهم من دون أن يشعروا بالرقابة عليهم، فأساليب الأمر والنهي، التي اتبعها آباؤنا الأوائل في تربيتنا غير صالحة لجيل الانفتاح والتقنية الحديثة، وحفاظاً عليهم من أنفسهم قبل أي شيء آخر، لابد من التقرب إليهم ومصادقتهم، ويقول المثل: «إن كبر ابنك خاويه».

الوعي بالتقنية الحديثة
وأوضح محسن الحرازي، مسؤول عقاري: لابد من فهم تفكير الجيل الجديد، جيل التقنية والحريَّة والإنترنت، إذ إنَّنا لا نعدّ المصدر الوحيد في التربية، فوسائل الإنترنت وغيرها تشارك أيضاً، والأسلوب القديم لا يجدي، وأسلوب النهر يدفع بهم إلى حال أسوأ، لابد من مصادقتهم وفتح أبواب الحوار والنقاش؛ للتمكن من الوصول إلى مشاعرهم الداخليَّة.

وهنا تعقب فاطمة العلوي (25 عاماً) خريجة إدارة أعمال: إنَّ على الآباء تشجيع الأبناء على الطموح وبناء الأحلام، أياً كان الحلم، فالآباء هم من يشجعون على اتخاذ الخطوات الجريئة لتحقيق الأحلام.
وتكمل: لابد من احتواء الأبناء وتفهم متطلباتهم النفسيَّة والصحيَّة، وكلاهما لا يقل عن الآخر أهميَّة، خاصة في المراحل العمريَّة المتقدِّمة، إذلا بد من فهم أنَّ لكل مرحلة عمريَّة احتياجات خاصة.

عنصرية
ويشاركنا حمزة الشريف (18 عاماً) طالب الثانوية، برأيه حيث قال: بالنسبة لي والدي صديقي وأخي، وكذلك والدتي، إلا أنَّني أرى اختلافاً في المعاملة بيني وبين أخواتي، خصوصاً من جهة والدتي، إذ أشعر بعدم قربهنَّ منها، ويخفين الأسرار عنها، ولا يطلبن منها النصح، علماً بأنَّها إنسانة هادئة الطباع وحنونة، لكن المشكلة تكمن في أنَّها تكثر من الانتقاد والتوبيخ أحياناً، أتمنى أن تكون العلاقة بينهنَّ أقوى، وأن تتمكن والدتي من التقرب من أخواتي؛ لتكون هي خزانة الأسرار.

أما زينب الخبراني، (29 عاماً) ربة المنزل، فقالت: من وجهة نظري أصلح الباطن لكيلا يفسد الظاهر، لابد أولاً أن تكون العلاقة الأسريَّة وطيدة، بعيدة عن المشاحنات التي تكون بين الوالدين خاصة، والابتعاد عن أسلوب الجاهليَّة، الذي يعتمد كلمة (لا) لكل شيء، حتى في أبسط الطلبات وإن كانت ضروريَّة، إذ لابد من أسلوب التفاهم وزرع الوعي في الأبناء.

التربية الدينيَّة هي الأساس
وعقبت آمنة حسن (36 عاماً) ربة منزل: إنَّه يجب على الآباء أن يربوا أبناءهم التربية الصالحة، والدينيَّة بحدود المعقول لا إفراط ولا تفريط. وتتابع: يجب أن يربى كل ابن على حسب احتياجاته الشخصيَّة؛ لأنَّ لكل سن أسلوب تربية خاص، وعلى الآباء الانتباه إلى النقاط التي تزعج أولادهم وتنفرهم.
وأضاف عبد العزيز (20 عاماً)، طالب جامعي: أحب أن يكون والدي ذا حضور في لبسه وفي سيارته؛ ليضفي ذلك على مستوانا الارتقاء، فالمثل يقول كل ما يعجبك والبس ما يعجب الناس، في البساطة أحياناً عدم تقدير من الآخرين، لذا أحب أن يكون والدي صاحب هيبة وتقدير.

المشاركة في اللعب
أما رأي موسى (16عاماً) وتركي (13 عاماً)، طالبان، فقد كان مختلفاً، فمشكلتهما تكمن في افتقادهما للعب مع والدهما، حيث يقول موسى: والدي يعمل بوظيفة حكوميَّة، وهو دائماً مشغول، فهو إما أن يعود إلى المنزل في وقت متأخر، ويأوي إلى فراشه، وإما أن يأتي إلى المنزل، ويبقى شارد الذهن بالأعمال المترتبة عليه، نود أن يقضي معنا وقتاً خاصاً، ولو كان يوماً في الأسبوع، ويكمل تركي: إنَّه يرغب بلعب الألعاب المختلفة مع والده، مثل البلاي ستيشن، والألعاب الإلكترونيَّة، مثل «ساب وآي» و«تيمبر لاين» وغيرهما من الألعاب، ذات النشاطات البدنيَّة.

الرأي الاجتماعي
وختاماً لهذا التحقيق، أخذنا برأي الاختصاصيَّة الاجتماعيَّة الدكتورة سحر رجب، الحاصلة على شهادة الدكتوراه في الصحة النفسيَّة، ومدربة معتمدة دولياً لأكثر من مجال, بداية تقول:
يختلف الأمر من شخص لآخر، ومن بيئة لأخرى، ومن أسرة لأسرة، لذلك وجب علينا كأسر أن نتفهم احتياجات أبنائنا، وذلك من خلال خطوات التالية:

أولاً: النقاش وإعطاؤهم ما يستحقون، من دون إفراط أو تفريط.
ثانياً: تغيير أساليب التربية إلى الأفضل، وبحسب ما يتماشى مع الوضع للجيل الحالي، والابتعاد عن التسلط.
ثالثاً: استبدال الحنان والحضن الدافئ بأسلوب الضرب والتعنيف.

الاستهزاء بالتصرفات ولو كانت بإشارة بسيطة؛ لأنها تترك في النفس أثراً لا يمكن محوه مع الأيام بسهولة، أما التعنيف أمام الناس فهو من التصرفات السلبيَّة التي لا تأتي بفائدة، علمه مرَّة بعد مرَّة، بحيث يكون العقاب في حال خطئه بأسلوب يساعده على التفكير في نوعية سلوكه، والتعلم من تجاربه، حاول أن تفرق بين سلوكياته الخاطئة وبين شخصيته.
نتحلى بالأمور المحببة للنفس، الطيبة، الثقافة، احترام وجهات النظر، النقاش، الحب المتبادل بين الطرفين، الرأفة، احترام الخصوصيَّة، وعدم التعدي على الآخرين.