كلمة طالق "علكة" في فم بعض الرجال!

عندما تصبح حدود الله التي شرعت لصلاح حياة الأفراد وتنظيم شؤونهم الاجتماعية والمعيشية لعبة يستهان بها، علينا ألا نستغرب حالة التردي التي وصلت إليها بعض الأسر، إذ وصل الحد ببعض الأسر أن تعيش في الحرام دون أن تدرك خطورة الأمر، والسبب في ذلك ببساطة عبارة "علي الطلاق" التي أصبحت كالعلكة في فم بعض الرجال يرددونها دون الاهتمام بمسؤولية العبارة وعظم اليمين.

أين وصلت هذه الظاهرة؟ وما الحل فيها؟ هذا ما سيخبرنا به المستشار الأسري والاجتماعي عبدالرحمن القراش في الموضوع الآتي.


بداية يقول القراش: "دائماً ما نقول للصغار: "لا تلعب في النار كي لا تحرق أصابيعك"، رغم أن بعض الرجال هم الأجدر بهذه النصيحة، ففي مجالس الربع نجد من يعلي صوته قائلاً: "علي الطلاق" أو "علي الحرام" من أجل عزيمة أو إثبات سالفة ما، ثم يعود لبيته فيردد مرة أخرى "علي الطلاق" أو "علي الحرام" على زوجته أو أبنائه، وعند وقوع الكارثة يحنث في طلاقه وتجده يستجدي الإفتاء ويتباكى في المحكمة ويولول عند أصدقائه "أفتوني" هذا إن كان لديه وازع ديني وتكلم وأقر بمصيبته وبحث عن حل ومخرج لفعلته الشنيعة، ولكن هناك والعياذ بالله من يردد طلاقه في اليوم والليلة 1000 مرة، منها 900 مرة يحنث فيما ذكر، وهنا يأتي السؤال ما ذنب الزوجة المسكينة التي يقع عليها الطلاق مراراً وتكراراً بهذه الطريقة فتعيش معه في الحرام وهو عالم بذلك؟"

وحول طريقة التعامل مع تلك الظاهرة الاجتماعية السلبية والخطيرة يقول القراش: "لأن مثل هذه الأمور لم يعد الجهل بها كبيراً كما في السابق لتعدد وسائل التعليم وتقديم الفتاوي، فقد ذهب جمع من أهل العلم أنه لا يقع الطلاق ويكون حكمه حكم اليمين إذا كان المقصود منه حثاً أو منعاً أو تصديقاً أو تكذيباً، وليس قصده طلاق امرأته، وهذا هو الغالب على الناس، فمثلاً لو قال: "علي الطلاق أن لا أعمل في الشركة الفلانية"، والمقصود منع نفسه من العمل فيها، هنا لا يقع الطلاق، وتكون عليه كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين، ولكن إن قصد الطلاق فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يقع الطلاق عليه، ولكن من يضمن لنا صدق النية أنه لا يكون المقصود بتلك العبارة فراق الزوجة؟ وهنا تظل الإشكالية قائمة".

وأضاف القراش: "بسبب التساهل في استخدام هذه الكلمة وتكرارها في مختلف المجالس والمعاملات حتى بين الصبية والشباب، وبسبب التساهل من قبل الأب وكونه قدوة سيئة في بعض الأحيان في هذا المضمار وسكوت المجتمع، فمن الواجب على القضاء ودار الإفتاء تقريع من يمارس هذه الأمر حتى لو اقتضت الحاجة إلى تغريمه من خلال إصدار قانون المخالفات القضائية كالمخالفات المرورية، وذلك من خلال توحيد الفصل في قضايا الحلف بالطلاق بالمحكمة وربطه بموقع أو رسائل جوال، وعند الاستفتاء في الأمر السابق يطلب منه إدخال رقم سجله المدني، فإن كانت القضية مما سبق الحديث عنه يتم افتاؤه وتسجل عليه مخالفة مضاعفة".