يؤكد دائماً الشيخ محمد الأحمدي على ضرورة الحرص على تفسير أي آية للطفل قبل تحفيظه لها، ويقول إنّ ترسيخ تفسير القرآن في ذهن الطفل وحفظه له الكثير من الأثر الجيد على حياته؛ لأنّ القرآن يحتوي على الكثير من الأوامر والنواهي، والقصص التي يستفيد منها الإنسان في حياته، وتنير قلبه ودربه.


التفسير:
يقول الشيخ محمد الأحمدي: «إنّ سورة البينة مدنية، وعدد آياتها 8 آيات، قال تعالى: «لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3) وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)

- في البداية يتوجب على الأم أن توضح للطفل أنّ معنى (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين) أي أنّ اليهود والنصارى وسائر أصناف الأمم لا يزالون في ضلالهم.
- (حتى تأتيهم البينة) أي البرهان الساطع، ثم توضح أنّ تلك البينة (رسول من الله) أي أرسله الله يدعو الناس إلى الحق، وأنزل عليه الكتاب، ليعلِّم الناس الحكمة ويزكيهم ويخرجهم من الظلمات إلى النور.
- (يتلو صحفاً مطهرة) ومعناها محفوظة عن الشياطين لا يمسها إلا المطهرون؛ لأنها في أعلى ما يكون من الكلام، (فيها كتب قيمة)، وتوضح الأم هنا أنّ في تلك الصحف أخباراً صادقة، وأوامر تهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم، فإذا جاءتهم هذه البينة يتبين طالب الحق فيهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حيا عن بينة، وإذا لم يؤمن أهل الكتاب لهذا الرسول، وينقادوا له، فليس ذلك ببدع من ضلالهم وعنادهم.
- (وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة)؛ أي أنهم ما تفرقوا واختلفوا وصاروا أحزاباً التي توجب لأهلها الاجتماع والاتفاق، ولكنهم لرداءتهم لم يزدهم الهدى إلا ضلالاً، مع أنّ الكتب كلها جاءت بأصل واحد ودين واحد، وما أمروا في سائر الشرائع إلا أن يعبدوا.
- (الله مخلصين له الدين)؛ أي قاصدين بجميع عباداتهم الظاهرة والباطنة لله سبحانه وتعالى، (حنفاء) أي معرضين عن سائر الأديان المخالفة لدين التوحيد، وخص الصلاة والزكاة (بالذكر) لفضلهما وشرفهما، وكونهما ولأهمية تلك العبادتين اللتين من قام بهما قام بجميع شرائع الدين.
- (وذلك دين القيمة) أي التوحيد والإخلاص في الدين؛ لأنّ تلك الأمور هي الموصلة إلى الجنة، وما سواه فطرق موصلة إلى الجحيم، ثم ذكر جزاء الكافرين بعدما جاءتهم البينة، فقال: (إنّ الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم) قد أحاط بهم عذابها، واشتد عليهم عقابها، (خالدين فيها) باقين فيها.
- (أولئك هم شر البرية)، وهنا توضح الأم الأسباب، وهي لأنهم عرفوا الحق وتركوه وخسروا الدنيا والآخرة بهذا العمل. (إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية)؛ لأنهم عبدوا الله وعرفوه ففازوا بالدنيا والآخرة لحسن أعمالهم.
- (جزاؤهم عند ربهم جنات عدن)، وفي هذه الآية توضح الأم أنّ مصيرهم جنات دائمة إقامة لا رحيل منها، (تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً رضي الله عنهم ورضوا عنه)، هنا يصف الجنة وهي جزاء لمن عمل صالحاً، واجتهد بالعبادة فرضي عنهم بما قاموا به من أعمال، ورضوا عنه بما أعد لهم من أنواع الكرامات. وتوضح الأم للطفل وترغبه بالأعمال الصالحة والصلاة والزكاة والصدقة وغيرها من الأعمال الحسنة، حتى يظفر في النهاية بالجزاء الحسن (لمن خشي ربه) أي: لمن خاف الله وابتعد عن معاصيه، وقام بواجباته كاملة.