حقيقة الابتزاز الوظيفي

بعد نزول المرأة إلى سوق العمل برزت الكثير من السلبيات في التعامل والممارسات المنحرفة التي يقوم بها بعض ضعفاء النفوس من أصحاب العمل والمدراء، متخذين من حاجة المرأة للعمل طُرُقاً للابتزاز بمختلف أشكاله لجعل المرأة العاملة ضحية، الأمر الذي جعل توعية المرأة بحقوقها أمراً لا مفر منه حتى يمكنها العمل بنجاح وبحرية دون تنازل لمن تسول له نفسه بابتزازها أو الانتقاص من كرامتها واستغلالها.


المستشار الأسري والاجتماعي عبدالرحمن القراش يطلعنا على أبعاد هذا الموضوع في السطور الآتية:


بداية يرى القراش أن ابتزاز المرأة في العمل يأتي لسبين: أحدهما يختص بالمرأة، فبعض الموظفات هن من يدعون المدير لابتزازهن؛ بسبب سوء سلوكهن أو سمعتهن في الإدارة أو طريقة حديثهن وملبسهن، فيصبحن عُرضة للوقوع في براثن مثل هذه الفئة، والسبب الآخر يختص بالمدراء المستغلين لنفوذهم لتحقيق رغباتهم، حيث يتوقع بعض المدراء أن وصولهم لكرسي الإدارة يخوّلهم استعباد الموظفين، وأنهم بمثابة الخدم، وإن كان العمل مشتركاً فلا يحق له انتهاك حرمات الموظفات بابتزازهن، وبالطبع من يرتكب ذلك يثق بأن هناك تهاوناً واضحاً في الرقابة على سلوكياته، وثقة المسؤولين والموظفين فيه لكونه "رأس الهرم"، وقصور العقوبة على من يثبت عليه ذلك السلوك.

ويضيف القراش: "لم يكن خروج المرأة للعمل سهلاً منذ البداية، فقد عانت كثيراً حتى تُثبت وجودها على الساحة"؛ مُرجعاً ذلك إلى ارتفاع بعض الأصوات الاجتماعية، وممانعة عمل المرأة خوفاً من الفتنة، وأبدى تعاطفه مع المرأة، وقال: "إنها تعاني من كل الجوانب سواء من إدارتها، أو مجتمعها، أو الآراء التي تمنع عملها، فتلتزم الصمت وتفضل الهروب بالمشكلة بعيداً عن الطرح أو الشكوى خوفاً من الفضيحة وعدم تصديقها، مما يؤثر في مشوار عملها ومجتمعها على حد سواء".

ويحذر القراش من الرضوخ لرغبات الرجال من أجل العمل لما في ذلك من تأثير خطير، حيث يقول: "ستطاردها السمعة السيئة في أي مكان تذهب إليه سواء استمرت في إدارتها، أو انتقلت منها، وربما تسربت سمعتها لخارج محيط عملها، فتصبح سيرة معظم أفراد المجتمع"؛ لافتاً إلى أن رضوخها للابتزاز سيجعل المجتمع يفقد الثقة بالمرأة العاملة على وجه العموم، كما ينصح النساء بضرورة الإبلاغ عن أي حوادث ابتزاز والمطالبة بحقوقهن، لتكون هذه المطالبات رادعاً ومانعاً لتكرار هذه الحوادث لهن فيما بعد.