ادخار المرأة للمال خيانة للزوج أم اتقاء لشرّه؟

8 صور

تنشغل المرأة دائماً بالمستقبل وما يخفيه لها القدر من صدمات؛ فتبحث عن شيء يشعرها بالأمان، الذي قد تجده في اتكالها على زوج حنون يتحمل هو أعباء الحياة ومتطلباتها، أو تقوم هي بردة فعل للتغلب على هذا الخوف، كأن تفكر في ادخار بعض المال بعيداً عن أعين الجميع، حتى عن زوجها.

«سيدتي» فتحت باب النقاش مع بعض شرائح المجتمع، في أحقية المرأة بادخار مالها؛ فجاءت ردود الفعل متباينة:

عاشت أليانور سوار وينغ، هي أبخل امرأة في العالم، حتى بلغت التسعين، وهي لم تقتن يوماً الأدوات الكهربائية؛ خوفاً من مصروفها، وكانت تعمل في أرجاء المنزل لوحدها ومن دون أي مساعدة، وكانت أيضاً تزرع الخضار والفواكه وتقطفها بنفسها؛ لتتفادى دفع إيجار العمال.
وحين توفيت وتركت أكثر من مليون دولار للجمعيات الخيرية في أرجاء العالم!. فقد كانت هذه السيدة تدخر المال طوال سنين؛ لكي تساعد الفقراء بعد موتها.


هو أمر لم ترغب ميادة حسين، «زوجة تبلغ من العمر الأربعين»، أن تصل إليه، لكنها عاشت قصة كفاح طويلة مع شريك حياتها، وبعد سنوات طويلة من الغربة خرجت منها صفر اليدين، في تلك السنة قررت أن تدخر مالاً يحميها من غدر الزمان، كل هذا لعدم ثقتها برجل استباح مالها ومصوغاتها، حسب تعبيرها، تستدرك قائلة: «عندما قررت أن أفيق لنفسي وأولادي الذين لا يشغل أباهم مستقبلهم، قررت ألا أعطيه درهماً واحداً أكسبه من عملي، وأخذت أضع أموالي في مكان سري داخل غرفتي، وإذا به يجده ويأخذ جزءاً منه من دون أن يخبرني».
ميادة لم يعد يهمها خصام زوجها؛ فعندما تشعر المرأة بأنها مستغلة ولا قيمة لها في حياة زوجها إذا توقفت عن إعطائه المال؛ فإنه يسقط من نظرها، حسب تعبيرها؛ بل من حساباتها أيضاً.

حساب مشترك
للمرأة ذمة مالية خاصة ولا يحق لزوجها أن يطمع في مالها من دون رضاها، هو رأي الكثيرات، ومنهن فايزة سعيد، موظفة استقبال في طيران الإمارات؛ فقد ظلت تعمل لسنوات وكانت تشعر بضياع عمرها هباءً؛ فهي لا تدخر من راتبها شيئاً؛ بل يتصرف به زوجها، حتى عندما كانت تود أن ترسل بجزء منه لأهلها، كانت تحرج أن تطلب من زوجها ما هو حقها، تتابع: «قررت أن أستشير رجل دين، وقال لي إنه يحق لي أن أنفق مالي وفق ما أريد من دون أن أرجع إلى زوجي، ومنذ تلك اللحظة أخذت أدخر المال وأشتري مصوغات ذهبية، وكم كانت تشعرني تلك الأشياء براحة وطمأنينة افتقدتها عندما جلست بالبيت، ولم يعد لي مال خاص».


أما أحمد حسن، مدير للعلاقات العامة، فلم يجد بأساً في هذه الشراكة المالية؛ فكله لتأمين مستقبل الأولاد، وهو أمر يجب أن يشعر المرأة بالأمان، يستدرك: «منذ أن عملت زوجتي بمهنة التدريس وهي تعطيني (الفيزا) الخاصة بها، لأنني أتعامل معها من نفس المنطلق؛ فمالنا لأبنائنا الذين نسعى لأن يكونوا أفضل حالاً منا».


وتعلق زوجته رحاب سمير قائلة: «عندما تخشى المرأة على نفسها وتفتقد الأمان؛ فيجب على الزوج البحث عن سبب هذا الخوف ومعالجته».
 

قرشك صدقة

ترفض زوجته «حنان توفيق» كلامه بأن يلقي بكل اللوم على الزوجة؛ فقبل هذا لا بد أن يبحث الرجل عن سبب تفكيرها بهذه الطريقة، وأفعاله هي التي تقف وراء ما يصدر عنها من سلوك، تعلّق: «على المرأة أن تحتسب أي درهم تنفقه من مالها الخاص على بيتها كصدقة تُـؤجر عليها من الله تعالى».

من وقتها!
لا يجوز للرجل أن يتدخل في أموال زوجته وأن يتصرف بها من دون إذنها؛ فهذا شرع الإسلام كما يكشف الشيخ إبراهيم عمران، إمام وخطيب مسجد الأنصاري؛ فللمرأة الحق في راتبها؛ بل وكفل لها الشرع أن تنفقه أو تدخره كما تشاء، وهذا في حال إذا كان لديها إرث خاص، أو لديها عمل ثابت يدر عليها المال، وفي حال أجبرت على غير ذلك؛ فيعتبر الزوج في نظر الدين آثماً وظالماً، يستدرك قائلاً: «أما إذا كانت لا تعمل؛ فلا يحق لها أن تأخذ من مال زوجها وتنفقه أو تخبئ بعضاً منه من دون علمه، وهذا لا يعني أنه لا يحق أبداً للزوج أن يأخذ من مال زوجته؛ فالوقت الذي تستقطعه في عملها هو في الأساس حق له، وعليها أن تعوضه هذا، بإعطائه جزءاً من المال».

الادخار الحالم!
بعض أصحاب الجنسيات الأجنبية مثل الصينيين، ينفقون نصف رواتبهم فقط، ويدخرون النصف الآخر، بينما تغيب هذه الثقافة في مجتمعاتنا، برأي المستشار المالي صلاح فؤاد؛ حيث تشتري الأسر كل شيء ولا تكاد تدخر على الإطلاق.
يتابع: «الكثير من النساء في الإمارات يدخرن أموالاً بعيداً عن أعين أزواجهن، ويظهرنها فقط وقت الشدة، بعكس الرجل، الذي قد لا يوفر، وينفق كل موارده المالية، وهناك دراسة قامت بربط ادخار المرأة بالشعور بالأمان والاستقرار؛ لأنه كلما ادخرت الأموال، شعرت بأن مستقبلها مضمون أكثر».