الأطفال يصابون بالاضطرابات النفسية أيضاً

ما لا نستطيع إنكاره أن الأطفال يتعرضون للمآسي، شأنهم شأن الكبار، حيث نجد أنّ نسبة الأطفال المصابين ببعض الاضطرابات النفسية المتعلقة بالكوارث سواء الطبيعية (كالفيضانات والزلازل وضحايا المجاعة)، أو تلك الكوارث من صنع الإنسان (كالحروب والحوادث المرورية الخطيرة والاغتصاب والقتل) وغيرها في ازدياد ملحوظ، مما دعا المنظمات الدولية، مثل: منظمة الصحة العالمية، والبنك الدولي، إلى التحذير من هذه النسبة المرتفعة وما قد ينتج عنها من ازدياد في أعداد الأطفال المعرضين للخطر، كذلك التحذير من ارتفاع نسبة الانتحار بين الأطفال.


تحدثنا الاستشارية النفسية د.منى الصواف حول الاضطرابات النفسية للأطفال، خاصة تلك المتعلقة باضطرابات الهلع من خلال هذه السطور:


اضطراب الكرب أو الهلع
بداية تعرف لنا الصواف هذا النوع من الاضطراب قائلة: «هو اضطراب يصيب الكبار بالدرجة الأولى، لكنه قد يصيب الصغار بدرجات متفاوتة؛ نتيجة لتعرضهم لأمور مأساوية، سواء بالمعايشة أو بالمشاهدة، وينتج هذا الاضطراب بعد مرور أكثر من شهر على تعرض الإنسان إلى كارثة طبيعية، أو من صنع الإنسان، تكون أشد من قدرته على التعامل النفسي معها، مما يؤدي إلى ظهور بعض الاضطرابات النفسية التي قد تستمر لسنوات عديدة إذا لم تعالج».


وتشير الصواف إلى أن هناك عدة أعراض لهذا الاضطراب، منها:
1. الشعور بالقلق والخوف الشديد مع ظهور أعراض القلق الجسدية والنفسية، والتي تؤثر على قدرة الإنسان في مواصلة حياته بصورة طبيعية كما كان من قبل.


2. الشعور بعودة المشاعر السلبية بكل تفاصيلها وتأثيرها السلبي على الإنسان، وكأنه يعيش الكارثة مرة أخرى، خاصة مع تعرضه لأي مؤثر يرتبط بالحادثة؛ كالمكان أو الرائحة أو صورة الحدث، مما يؤدي إلى زيادة حدة الأعراض لديه.


3. حرص المريض على تحاشي الأماكن أو المواقف أو حتى كل ما هو مرتبط بالحادث المؤلم الذي تعرض له.


وتضيف الصواف قائلة: « قد يأخذ تأثير اضطراب الكرب على الأطفال صوراً أخرى، مثل: اضطرابات النوم، اضطراب التحصيل الدراسي وما يصاحبه من الرفض المدرسي، وقد لا يتم تشخيص ما يعانيه الطفل من اضطرابات الكرب إلا من خلال التشخيص باللعب، حيث يحاكي الطفل أثناء لعبه ما تعرض له، وهنا تأتي أهمية استخدام وسائل التشخيص المختلفة حسب الفئة العمرية؛ لأنّ الطفل عادة لا يكون قادراً على التعبير عن مشاعره، كما أنه لا يستطيع استرجاع الحدث، بل تظهر الاضطرابات على السلوك لديه».


وتشدد الصواف على ضرورة توفير الرعاية النفسية للأطفال الذين يعاني آباؤهم من اضطرابات الكرب، والتأكد من قدرتهم على التكيف والتعايش مع الأحداث؛ حتى لا يتعرضوا لما حذر منه مكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات من احتمال تزايد نسبة الأطفال والمراهقين المتعاطين والمدمنين على المخدرات نتيجة الكوارث، خاصة تلك التي يصنعها الإنسان.